بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أتحدث هنا عن غزة، التى طالت معاناتها ومأساتها كثيرا.. كثيرا. إننى أكتب هذا العمود اليومى منذ ثلاثة عشر عاما..، أغطى فيه موضوعات كثيرة! غير أننى تعودت فى العامين الأخيرين، أن أبدأ أولا بالبحث عن أخبار غزة! عن معاناتها من الاحتلال الإسرائيلي، وسياساته العنصرية البغيضة، والتى كاد الضمير الإنسانى أن يتبلد إزاء مأساتها: لقد صارت كلمات «المجزرة» و«المجازر» ألفاظا معتادة فى أخبار غزة اليومية! وصارت مشاهد صفوف الرجال المتراصين للصلاة على «جثامين» الشهداء المرصوصة فى أكفانها البيضاء فقرات متكررة فى التليفزيون! وتعودنا على مشاهد القصف الذى تحدثه طائرات حربية، بعتادها الحديث وقنابلها الثقيلة، ليس لحشود عسكرية، وليس لقوات من المدفعية والدبابات.. وإنما لبيوت سكنية، ومستشفيات، ومدارس للأطفال والكبار ومرافق للمياه والكهرباء والصرف الصحي. بل وأيضا لخيام مهلهلة، فر إليها الناس امتثالا لأوامر الإخلاء. واختفت من شوارع غزة السيارات، وعادت قرونا إلى الوراء، ليتنقل الناس على الدواب وعلى عربات الكارو! غير أننى أشعر أيضا بغضب أشد إزاء مشهد فلسطينى ممزق ومشتت. إننى لست أبدا سعيدا باختفاء اسم فلسطين لصالح حماس، فلسطين أكبر بكثير جدا جدا من حماس! فلسطين التى رفع اسمها إلى عنان السماء القائد الشهيد ياسر عرفات، منذ خمسين عاما قائلا باسم منظمة التحرير الفلسطينية هاتفا «لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي»! إنها المنظمة التى كانت «فتح» أول من أطلق رصاصات نضالها المسلح فى 1965، ولكن تعددت للأسف منظمات المقاومة، لتشتت النضال الفلسطيني. ولتغض إسرائيل الطرف عن تشكيل جماعات فى القرى الفلسطينية، ترفع لواء الإسلام، فى مقاومة – مالبثت أن صارت- أكثر فدائية وشراسة، قابلتها إسرائيل بحرب إبادة عنصرية غير مسبوقة، على مرأى ومسمع من العالم كله، وأدانها الضمير الإنساني.. فهل آن لليل أن ينجلي..؟!