بقلم: د.أسامة الغزالي حرب
أكتب هذه الكلمات من مدينة «رأس البر» التى وصلتها هذا الأسبوع مع أسرتى، كما اعتدت فى مثل هذه الفترة من كل عام تقريبا، منذ الثلاثينيات من عمرى. إن رأس البر، مثل كل مدينة وكل قرية فى مصر، لها تاريخها القديم الطويل، ولكنها تجذبنى بتفردها وتميزها وخصوصيتها! فهى أولا تجمع بين النيل على يمينك والبحر على يسارك، ولايوجد ذلك إلا فى رأس البر..إنها – من الناحية الجغرافية - «لسان» من البر- أى الأرض - يمتد فى البحر المتوسط عند التقاء النيل (فرع دمياط) به، وهذا يميزها عن مواقع السياحة (الداخلية والخارجية) الأخرى، بدءا من الإسكندرية، التى توصف بأنها عروس البحر المتوسط وحتى أسوان التى لا تعرف إلا النيل فقط! وهى ثانيا تجمع بين سمات المدينة العصرية، والقرية المصرية الأصيلة، فمدينة رأس البر مخططة (منذ أن نبه الخبراء الأوروبيون محمد على باشا إلى تميزها) على نمط المدن الحديثة، إلى شوارع طولية وعرضية، واضحة ومميزة.. ولكن يظل ظهيرها القروى مصدرا لكل خيرات الريف من الخضراوات والفاكهة والألبان. وهى ثالثا من أكبر مراكز صنع الحلوى فى مصر، فضلا عن شهرتها الذائعة فى صناعة الفطير الدمياطى الشهير والمتنوع، الذى تزدحم محلاته المتنافسة ليالى رأس البر. فى هذا السياق الجغرافى والاقتصادى المصرى المميز لرأس البر، ليس من المستغرب أبدا أن يكون للتاريخ والتقاليد المصرية الأصيلة مذاقها المميز فيها. نعم، هو عيد مصرى أصيل قديم، بما يحفل به من تقاليد متوارثة منذ عهود الفراعنة، بدءا من تناول السمك المملح (الفسيخ)، والبيض الملون، والبصل الأخضر والخس والملانة (الحمص الأخضر) وحتى النزهة وفسحة فى النيل فى ذلك اليوم البهيج...ولكنه فى رأس البر، يتم فى سياق مصرى مميز خاص، يجعل شم النسيم فى رأس البر «حاجة تانية» وفقا لكلمات الأغنية الشهيرة لحسين الجسمى!.