بقلم: د.أسامة الغزالي حرب
مثلما اعتدنا فى اليوم الأخير من كل عام... نتريث لحظة قبل أن نغادره، وننظر خلفنا سائلين: ماذا ياترى كانت حصيلة هذا العام الذى يوشك على الرحيل؟ كانت إجابتى بلا تردد أنه كان عام غزة! غير أننى اهتممت ـ وأنا أستعد لكتابة هذه الكلمات- بأن أطالع ماكتب فى عدد من الدوريات السياسية الهامة فى العالم عن ذلك العام المنصرم، فوجدت بالفعل إجماعا تقريبا على أن ما سمى تزايد أو تصاعد الصراع فى الشرق الأوسط يدرج ضمن أهم عشرة أحداث وقعت فى 2024 أى ذلك الصراع الذى تركزت بؤرته الدموية فى غزة. إن هناك فى تقديرى أكثر من جانب لتلك الحقيقة، أولها: أن القتل والتدمير اللذين وقعا فى غزة لا يقلان عما تم فى أسوا الحروب فى التاريخ المعاصر. فوفقا لبيانات مكتب الشئون الإنسانية، التابع للأمم المتحدة، الذى أذاعته محطة سى إن إن، اقترب عدد القتلى من 45 ألفا (بينهم مايزيد على 14 ألف طفل وأكثر من 7000 امرأة) وبلغ عدد الجرحى 103 آلاف تقريبا، علاوة على ما يقرب من عشرة آلاف مفقود أو تحت الأنقاض. أما النازحون أو من شردوا من منازلهم فيقدرون اليوم بنحو 1.9 مليون شخص، يعيشون فى أوضاع شديدة البؤس، فى خيامهم البالية التى نصبوها فى العراء، تحت وطأة برد قارس يفتك كل يوم بأطفالهم الصغار والرضع، كما نشاهدهم الآن على شاشات التليفزيون! أما الجانب المشرق فى تلك الصورة، فكان هو التعاطف الإنسانى الرائع الذى كسبته القضية الفلسطينية عالميا خاصة من جانب شباب الجامعات الكبرى فى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وكذلك الموقف النبيل والمشرف لدولة جنوب إفريقيا فى الدعوى ضد إسرائيل (التى استمعت إليها محكمة العدل الدولية فى يناير 2024) متهمة إياها بالسعى للإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى. ذلك موقف رائع وراق، تضاءلت أمامه مواقف أخرى كثيرة لاتخفى على المراقب اللبيب!