د.أسامة الغزالى حرب
يوما بعد يوم، يتضح لنا أن قضية تجديد الخطاب الدينى أهم واعقد بكثير مما نتصور! بل إننى أكاد أوقن اليوم أنها ينبغى أن تكون على رأس قضايانا وهمومنا الثقافية والفكرية، إذا اردنا فعلا نهضة حقيقية لهذا البلد و دفعا له إلى الامام.
ولا شك ان مسالة «الطلاق الشفوى» وما دار حولها من جدال حاد تقدم لنا نموذجا ساطعا لذلك.
وكما نعلم فقد بدأ الأمر عندما كان الرئيس السيسى يتحدث فى الاحتفال بعيد الشرطة يوم الثلاثاء 24 يناير، وفى سياق حديثه عن التعداد العام للسكان المزمع إجراؤه، وبإحساسه بالمسئولية كرئيس للدولة، لفت النظر إلى الإحصائيات الصادمة التى تقول أن من بين حوالى 900 ألف حالة زواج تتم سنويا فإن 40% منها تتعرض للطلاق بعد 5 سنوات .
وكما قال الرئيس بالنص، فإنه «حفاظا على الأمة» لماذا لا نصدر قانونا ينص على ألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون..؟ وما ان صدر هذا التصريح من الرئيس إلا وقامت الدنيا ولم تقعد! إن ماذكره الرئيس كان قد نادى به مؤخرا علماء مسلمون معاصرون لهم مكانتهم مثل د.سعد الدين الهلالى، ود.خالد الجندى، كما قال به من قبل رجال الأزهر الكبار مثل الشيخ محمد عبده والشيخ سيد سابق والشيخ جاد الحق...إلخ ولكن العقليات الرجعية المتحصنة اليوم فى مواقع كثيرة كشرت عن أنيابها، وسمعنا كلاما غريبا وسخيفا مثلما نسب لرئيس مايسمى «جبهة علماء الأزهر» من قول بأن تلك الدعوة مسيحية «للحد من دخول النصارى إلى الإسلام»؟! «موقع الخليج الجديد»، ومثلما قال آخرون إنها دعاوى شيعية خبيثة أو أنها «شغل شيعة» «موقع التحرير»...إلخ إننا هنا فى الحقيقة إزاء نوعين من التفكير، كما كان دائما طوال التاريخ الإسلام، تفكير جامد ومنغلق عاجز عن أى تجديد فى الخطاب الدينى، وتفكير مرن ومتحضر قادر على كشف وإبراز الجوهر التقدمى للدين وتقديم رؤى وتفسيرات تتجاوب مع روح العصر ومع المصالح العليا للأمة!.
المصدر: الأهرام اليومي