بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أعتقد أن أحد أنجح الملفات فى السياسة الخارجية المصرية اليوم، فى دائرتها الاستراتيجية الأقرب (الدائرة العربية)
، هو ذلك المتعلق بالأوضاع فى ليبيا. إن مصر لا يمكن أن تكون صامتة أو غير مكترثة بما يحدث فى ليبيا، ذات الحدود المشتركة على طول الجبهة الغربية، وليس سرا أن تلك الحدود كانت مصدرا لمخاطر كبيرة و كثيرة على الأمن القومى لمصر طوال السنوات الخمس الماضية بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي، بما شهدته من عمليات تسلل و تهريب واسعة للأسلحة و المخدرات و غيرها. فى هذا السياق فإن دعم مصر وتأييدها المشير خليفة حفتر هو عين الصواب، خاصة بعد أن اثبت الرجل قدرته على السيطرة على الاوضاع فى مناطق واسعة من ليبيا، بما فيها تلك المتاخمة للحدود المصرية. غير أن ما أحب أن ألقى الضوء عليه هنا هو شخصية خليفة حفتر ذاته، والذى يكمل عمره هذا العام الثالث و السبعين.لقد ولد حفتر فى أجدابيا بشرق ليبيا، و تلقى تعليمه الثانوى فى درنة قبل أن يلتحق بالكلية العسكرية الملكية فى بنغازى ، ويتخرج فيها عام 1966. وحفلت حياة حفتر بتطورات مثيرة أسهمت كلها فى إنضاجه، فقد درس فى روسيا ولكنه عاش أيضا فى أمريكا بعد خروجه من السجن فى تشاد التى قاد القوات الليبية فيها قبل أن يتدخل الفرنسيون. وقبل ذلك كان حفتر هو قائد الوحدة العسكرية الليبية التى شاركت فى حرب أكتوبر 1973 وحصل على نجمة العبور المصرية. وفى السجن بتشاد قررحفتر الانخراط فى المعارضة ضد القذافي، وبعد فشل محاولته للانقلاب عام 1993 حكم عليه بالإعدام، ولكنه انتقل بعدها بواسطة الأمريكيين إلى الولايات المتحدة واستمر معارضا للقذافى حتى قيام الثورة ضده فى 2011 ، فعاد من منفاه ليعيد تنظيم الجيش الليبي. وبعد جريمة داعش الإرهابية ضد العمال المصريين فى ليبيا، أيد حفتر بلا تحفظ عمليات الجيش المصرى ضدهم. والآن يتعرض حفتر لهجوم ضار من الإخوان المسلمين، ومن قوى أخرى كارهة لمصر وحانقة على حفتر،خاصة بعد أن سيطر أخيرا على مناطق إنتاج النفط الليبي! ولكن حفتر سوف يظل رجل ليبيا القوي، وأعتقد أن على مصر ألا تتوانى عن دعمه حماية لمصالحها ولأمنها القومى!