بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
اليوم 25 يناير تحتفل مصر- شعبا وجيشا و حكومة- بالذكرى السادسة لثورة مصر العظيمة فى 25 يناير 2011. كيف نقدم هذه الثورة لأبنائنا،
و أين نضع هذه الثورة فى مكانها فى تاريخ مصر الحديث؟ تقديرى هو أن تلك الثورة تستكمل حلقات بناء الأمة المصرية كدولة مدنية ديمقراطية فى القرن الحادى والعشرين . فثورة 1919 (والتى يجدر أن نحتفل بها فى 9 مارس من كل عام) كانت هى ثورة مصر من أجل الإستقلال الوطنى ضد الاحتلال الأجنبى، وأسفرت عن حصول مصر على استقلالها عام 1922 كدولة قومية Nation state و وضع دستور 1923 الذى رسم ملامح دوله مدنية عصرية، قادتها نخبة من كبار الملاك و الرأسماليين ، ودشن حقبة ليبرالية شهدت ازدهارا ثقافيا و اقتصاديا واجتماعيا رائعا، تزامن مع كشف أسرار و أمجاد التاريخ الفرعونى. ثم كانت ثورة 23 يوليو 1952 التى كانت بالأساس ثورة الطبقة الوسطى – من خلال أبنائها فى القوات المسلحة- من أجل تحقيق العدالة الإجتماعية ولم يكن مصادفة أن أول و أهم انجازاتها كان هو قانون الإصلاح الزراعى الذى استهدف تحطيم الملكيات الإقطاعية الكبيرة .و أدى صدام الثورة مع القوى الاستعمارية إلى تحولها أيضا إلى منارة للتحرر الوطنى فى إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية. فى هذا السياق تأتى ثورة 25 يناير باعتبارها ثورة سياسية من أجل الديموقراطية، أشعل الشباب شعلتها، و تحلق الشعب كله حولها فى مظاهرات مليونية سلمية أبهرت العالم و حولت ميدان التحرير إلى رمز للثورة فى العالم، وأسقطت النظام القديم بعد أن انحاز الجيش إلى الشعب، وقاد فترة الانتقال إلى النظام الجديد على نحو حمى مصر من توابع زلزال الثورة! و أخيرا ، فقد حوكم مبارك و رجاله و أسرته نعم، و لكن هذا كله تم على نحو متحضر حافظ للرجل على كرامته كرئيس سابق لمصر.تلك هى مصر و ثورتها و حضارتها!
المصدر: الأهرام اليومي