بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
فى مثل هذا اليوم (31 أكتوبر) منذ 61 عاما، فى عام 1956 كان عمرى تسع سنوات ونصف السنة، وبالرغم من مرور تلك المدة الطويلة، فإننى لا أنسى الوقائع التى حدثت فيه وقبله وبعده. فى ذلك اليوم بدأ الغزو البريطانى الفرنسى لمصر، بعد ان كانت القوات الإسرائيلية قد بدأت عدوانها على سيناء قبله بيومين. وعرفت فى ذلك الحين معنى الغارات الجوية التى شنتها الطائرات الإنجليزية والفرنسية على القاهرة، والتى استدعت أن نطفئ الأنوار بعد سماع صافرات الإنذار، فضلا عن دهان زجاج البيوت باللون الأزرق، وبناء سواتر بالطوب أمام مداخل البيوت ...إلخ، ولو سألتنى عما بقى حيا و مؤثرا فى ذاكرتى...فسوف أقول فورا إنها الأغانى الوطنية الرائعة التى ظهرت فى فترة قصيرة للغاية و التى أبدعها وغناها فنانونا العظام. كان «الله أكبر» هو النشيد العنوان لتلك الفترة والذى تغنيه المجموعة من كلمات عبد الله شمس الدين وتلحين محمود الشريف، ثم «والله زمان ياسلاحى» لأم كلثوم من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، و«أنا النيل مقبرة للغزاة» لنجاح سلام من كلمات محمود حسن اسماعيل وألحان رياض السنباطى (وكان لنجاح أيضا اغنية يا أغلى اسم فى الوجود يامصر التى غنتها منذ 1954 لإسماعيل الحبروك ومحمد الموجى) و«دع سمائى فسمائى محرقة..دع قناتى فمياهى مغرقة» لفايدة كامل، كلمات كمال عبد الحليم وألحان على إسماعيل, و«الله يا بلدنا الله على جيشك والشعب معاة، لعبد الحليم حافظ كلمات أنور عبدالله وألحان عبد الوهاب. إننى أسال: هل تذكر إعلامنا هذه الأعمال الخالدة بمناسبة تلك الذكرى؟ والأهم من ذلك أننى كثيرا ما أتساءل: إننا نتقن بلا شك الحديث عن حبنا لبلدنا مصر، بل ونبالغ فى هذا الحديث، وأبدع كتابنا وملحنونا ومطربونا فى التعبير بالكلمة واللحن عن هذا الحب... ولكن هل نترجم هذا إلى أعمال وإلى جهود ملموسة لرفعة وتنمية مصر تتناسب مع جمال وخلود هذا التراث الفنى العظيم...؟