بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
تلقيت كثيرا من المناشدات من معلمى اللغة الفرنسية، بشأن قلقهم من بعض الأفكار التى طرحها السيد وزير التعليم، على نحو غير مدروس، عن تهميش تلك اللغة بشكل أو بآخر. إننى أقول لهم، ومع الاحترام والتقدير الكامل لمخاوفهم المشروعة على مهنتهم وأرزاقهم..، إن القضية أكبر بكثير من ذلك، بل وأكبر من العلاقة الثقافية الخاصة بين مصر وفرنسا منذ أن فك الشاب الفرنسى النابه فرانسوا شامبليون أسرار اللغة المصرية القديمة، فاتحا الباب على مصراعيه لمعرفة التاريخ الفرعونى. وأكبر أيضا من أن الفرنسية كانت لغة أساسية للنخبة الثقافية والسياسية المصرية منذ رفاعة الطهطاوى وكتابه الشهير فى تلخيص باريز، والزعيم الشاب مصطفى كامل ورسائله إلى الكاتبة الفرنسية مدام جولييت آدم، التى كانت بمثابة أمه الروحية..، وحتى مفكر مصر العظيم د. طه حسين، بل وحتى العديد من نجوم الفن العظام (مثل سيدة شاشة السينما المصرية فاتن حمامة) وغيرهم من مئات المثقفين والكتاب والعلماء. إنها قضية تتصل مباشرة بمصالح مصر القومية، وعلاقاتها الحيوية، ليس فقط مع فرنسا، إحدى الدول الكبرى فى العالم، وفى الاتحاد الأوروبى، وإنما – قبل ذلك وبعده - بعلاقة مصر مع ثمانية عشر بلدا إفريقيا ناطقا بالفرنسية، وانطبعت ثقافته بالثقافة الفرنسية.. هل أقول لكم ما هى. إنها: (الكونغو الديمقراطية، ومدغشقر والكاميرون وساحل العاج والنيجر ومالى وبوركينا فاسو والسنغال وتشاد وغينيا ورواندا وبنين وبوروندى وتوجو وإفريقيا الوسطى والجابون وجزر القمر والكونغو)! إننى لم أسترح لمراوغة الوزير فى رده على التساؤلات بشأن تدريس اللغة الفرنسية كلغة ثانية، وإخراجها من المجموع، مثلما لم أفهم موقفه من مسائل أخرى يضيق المجال هنا عن معالجتها... ويقينى هنا باختصار أن سيادته – مع كامل الاحترام له - خيب ظن من يأملون فى تطوير واحدة من أهم الوزارات المصرية!