د.أسامة الغزالي حرب
فى زيارة خاصة سريعة يوم الجمعة الماضى إلى الساحل الشمالى من خلال الطريق الصحراوي، وعند الخروج من القاهرة، وكذلك عند الدخول إلى نطاق محافظة الإسكندرية،
استوقفتنى عمليات تجديد وبناء محطتى تحصيل رسوم المرور عند مدخلى المدينتين، بعد أن تم هدم المحطتين القديمتين. ولا أتذكر إن كانت البوابتان قد تهالكتا إلى الحد الذى يبرر إعادة بنائهما، ولكن ما اتذكره جيدا أن البوابة أو المحطة القديمة عند مدخل الإسكندرية كانت معقولة ولائقة ومعبرة عن المدينة العريقة بتعددها الحضارى والثقافى، خاصة أن اسم الإسكندرية كان مكتوبا باللغتين العربية واليونانية، لذلك لم أستغرب عندما قرأت ملاحظات عديدة لبعض مواطنى الإسكندرية الغاضبين، ليس فقط بسبب هدم البوابة القديمة، وإنما ايضا بسبب شكل البوابة الجديدة. إننى متفهم لموقف أولئك المعارضين، وأؤيدهم تماما، وأعلن استغرابى ودهشتى من البوابة الجديدة القبيحة. ولكى يكون حديثى موضوعيا، فإننا فعلا نتحدث عن بوابة أو «محطة» لتحصيل الرسوم وليس عن بوابة للمدينة بالمعنى التاريخى المعروف.. هذا مفهوم تماما، ولكن من ناحية أخرى فإنها ليست مجرد محطة على طريق سريع ضمن محطات عديدة، ولكنها محطة أو موقع على مدخل المدينة فعلا، وأول ما يراه المقبل إليها، وهذا هو ما يفسر موقف السخط والغضب لأهالى الإسكندرية بالذات! وسؤالى البسيط هنا لماذا هذه الواجهة الألومنيوم القبيحة؟ لقد قرأت حديثا منسوبا للدكتور محمد مصطفى رئيس هيئة آثار الاسكندرية يقول فيه إن الواجهة القديمة لم تكن مدرجة فى مجلد التراث؟! من قال ذلك؟ وهل طالب أحد بأن تكون محطات الرسوم تراثا أثريا؟ ونفس الرأى نسب للدكتور محسن السايح مدير تفتيش حى غرب بآثار الإسكندرية. المسالة لا علاقة لها بالآثار إطلاقا، ولكنها ببساطة مسألة ذوق وملاءمة، فإذا كان لابد من «التجديد»، وإذا استبعدنا أيضا أى دوافع أخري، فمن قال إن التجديد لابد وأن يكون بالألومنيوم؟! وأخيرا، وفى مجتمع يتطلع إلى نشر الثقافة والمنهج الديمقراطي، ألم يكن من الملائم أن نستمع إلى رأى الناس، إلى رأى أهالى الإسكندرية أنفسهم؟! إننى أكرر السؤال: لماذا هدمت البوابة القديمة، ولماذا الألومنيوم، وما مبرر تكلفة هذاكله ؟