د.أسامة الغزالي حرب
ليس كل ما يصدر من الباحثين والمفكرين الأمريكيين من مصطلحات يكون دائما دقيقا، خاصة أن تلك المصطلحات تنتشر أحيانا وكأنها «موضة» جديدة، تستمر لبعض الوقت لتحل محلها موضة أخرى..وهكذا.
هناك بالقطع مصطلحات ومفاهيم ارتبطت بأفكار عميقة وجادة وأثبتت بالفعل مصداقيتها مثل مصطلح ومفهوم «صراع الحضارات» الذى ظهر منذ منتصف التسعينيات على يد عالم السياسة الأمريكى الكبير صموئيل هنتينجتون الذى صدقت نبوءاته وأفكاره على نحو مدهش فى العقود التالية، خاصة ما يتعلق برؤيته للعالم الإسلامى وما سوف يشهده من صراعات دموية. تلك الدقة والعمق لا تنطبق على مصطلح بدأ يشيع ك «موضة» هذه الأيام، وهو مصطلح «الجيل الرابع من الحروب»، الذى يقصد به أساسا الحرب ضد الإرهاب.
والمسألة ببساطة هى أن الشكل التقليدى للحرب هو الحرب بين الجيوش النظامية، مثلما حدث فى الحربين العالميتين الأولى والثانية، أو فى الحرب الهندية الباكستانية أو فى حرب أكتوبر1973...إلخ. أما الشكل الثانى من الحروب فهو الذى يتم ليس بين جيش نظامى وآخر، وإنما بين جيش نظامى وبين قوات «عصابات» غير نظامية وأبرز أمثلة تلك الحروب فى العصر الحديث كانت هى الحرب فى فيتنام و التى واجه فيها الجيش الأمريكى قوات العصابات التى استدرجته إلى أحراش فيتنام فدخل فى مستنقع لم يستطع الخلاص منه إلا بالانسحاب الكامل من هناك، وأكبر المنظرين والقادة لحرب العصابات هو الزعيم الصينى ماوتسى تونج، الذى اعتمد على حرب العصابات إلى حد بعيد فى الثورة الصينية وإقامة جمهورية الصين الشيوعية عام 1949.
أما الشكل الثالث فهو الحرب ضد الإرهاب والذى تجد فيه الدول نفسها عاجزة عن مواجهة هذا العنف «الفردى» بدباباتها وطائراتها؟! والمشكلة هنا هى أن هذا النوع من العنف اكتسب مع الوقت، ومع تطور وسائل التواصل على نحو غير مسبوق فى التاريخ، فاعلية غير مسبوقة بسبب قدرته على إصابة أهداف كبرى من خلال عمليات فردية، والتى كانت أبرزها وأخطرها بلا شك تفجير برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك فى 11 سبتمبر 2001. إن مواجهة هذا النوع من العنف الفردى أو الإرهاب، والذى ينقله اليوم تنظيم «داعش» المريب إلى مستويات جديدة، هو التحدى الذى يسمونه حرب الجيل الرابع!