د.أسامة الغزالى حرب
عندما تحدثت امس عن مسلسل «قصر عابدين» وقلت أنه كان أولى به أن يكون اسمه «حريم عابدين»، لم أقل ذلك على سبيل السخرية، وإنما قصدته تماما، فلا شك أن قصور مصر شهدت حكايات مثيرة عن زوجات ومحظيات الحكام المتعاقبين،
ولا يخرج عصر الخديوى إسماعيل عن ذلك. غير أن سيرة و حياة الخديوى إسماعيل، أكثر أهمية وخصوبة بكثير من حكايات «حريمه»! فالرجل حكم مصر ستة عشر عاما من عام 1863 إلى 1879 أرسله ابوه ليتعلم فى باريس ، وبعد وفاة الخديوى سعيد خلفه إسماعيل الذى حصل على لقب خديوى فى عام 1866 ثم نجح فى استصدار فرمان يتيح له استقلالا واسعا عن الدولة العثمانية، وأن تكون ولاية مصر بالوراثة لأكبر أبناء الخديوى. يقول المؤرخ المصرى الكبير «عبد الرحمن الرافعى» فى كتابه «عصر إسماعيل» أن ذلك العصر ..«يتمثل فيه تاريخ مصر القومى و السياسى فى إبان النصف الثانى من اقرن التاسع عشر، ويعد عصرا هاما له اثره النافع، كما له اثره الضار فى تطور الحركة القومية«....« أكمل إسماعيل فتح السودان، ومد حدود الدولة المصرية إلى منابع النيل، وشواطىء المحيط الهندى،...وعنى بتنظيم الجيش وترقية التعليم الحربى وإنهاض البحرية المصرية وإقامة أعمال العمران فى كافة النواحى، وبعث النهضة العلمية والفكرية بإنشاء المدارس والمعاهد، وتأسيس الجمعيات العلمية، وتشجيع التأليف والصحافة، ورعاية الفنون والآداب، وأسس نوعا من الحياة البرلمانية بإنشاء «مجلس شورى النواب»، وفى عصر إسماعيل أنشئت الوزارات المصرية محل الدواوين، ووضع أساس المجالس المحلية. وفى عهده تم الإنتهاء من حفر القناة، وأنشأ دار الأوبرا وكوبرى قصر النيل فى إطار تخطيطه لوسط القاهرة على غرار مدينة باريس التى عاش فيها وأعجب بها، ومد شبكات توزيع المياه وإضاءة الشوارع، وحفر ترعتى الإسماعيلية و الإبراهيمية، وزادت مساحة الأرض الزراعية عموما، وأنشا 19 مصنعا للسكر، وكلف «على مبارك» بوضع أساس للتعليم واتاحته بالمجان، وأنشأ أول مدرسة لتعليم البنات (المدرسة السنية) وأنشأ دار العلوم ودار الكتب ودار الآثار«المتحف المصرى» والجمعية الجغرافية، وفى ظل حكمه- عام 1875 أنشئت هذه الصحيفة «الأهرام». إنجازات إسماعيل لا يتسع لها المقام ، أما «حريم إسماعيل» فيمكنكم معرفة أخبارهن من مسلسل «سراى عابدين»!