د.أسامة الغزالي حرب
لا اتفق مع قول ممثلى وزارة الداخلية من أن السائقين هم السبب الأساسى فى حوادث الطرق! فهذا يشبه القول بان الطيارين هم السبب الأساسى فى حوادث الطيران،
و أن المهندسين و المقاولين هم السبب الأساسى فى انهيار بعض البنايات وأن الأطباء هم السبب الاساسى فى موت المرضى فى أثناء بعض العمليات...إلخ هذا كلام غير دقيق، ودعونا نحلل المشكلة. فأولا عن أى سائقين نتحدث؟ بالقطع نحن لا نتحدث عن سائقى السيارات الخاصة (الملاكى)، و الأغلب أننا لا نتحدث أيضا عن سائقى الأجرة، بكافة أنواعهم، لأنهم حريصون على مصدر رزقهم، وأكل عيشهم! إذن نحن نتحدث عن فئة محدودة، وهى سائقو سيارات النقل الكبيرة، خاصة تلك التى تجر وراءها مقطورات عملاقة. حسنا، إذا كان هؤلاء فعلا وأنا شاهد شخصيا على ذلك- يقودون سياراتهم بسرعات رهيبة على الطرق السريعة، فهل المشكلة هى فى قيادتهم بتلك الطريقة، وغالبا وهم متعاطون عقاقير ومنشطات أم أن المشكلة هى غياب الرقابة الصارمة عليهم، سواء عند تجديد الرخص لهم، أو لدى سيرهم على الطريق؟ إن هذا السائق الذى يطير بسرعة جنونية يفعل ذلك لأنه يعلم أنه لا أحد يتابعه أو يحاسبه أو يعاقبه!.
يعلم أن هناك فقط جهاز «رادار» يعرف جيدا مكانه، بالتعاون مع زملائه، ليهدئ سرعته فى الوقت المناسب! ولو أن هذا السائق يعلم أن سيارة سريعة أو موتوسيكل حديثا للشرطة سوف يلاحقه فور تجاوزه السرعة ، ليسحب رخصته بلا اى مساومة، فإنه سوف يتردد ألف مرة قبل أن يتجاوز السرعة ويخالف القانون. ولو أن هذا السائق يعلم يقينا انه لن يستطيع أن يقدم رشوة لأمين الشرطة كى يتغاضى عن مخالفته، فإنه سوف يتردد ألف مرة قبل أن يتجاوز السرعة. احترام القانون يرتبط وجودا وعدما بالجزاء الذى يقع على من يخالفه، ذلك هو معنى القانون، بل معنى «الدولة» فى أى بلد متحضر.