د.أسامة الغزالي حرب
مشروع قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذى أعلن منذ أيام أثار كثيرا من الجدل والغضب بسب مواد كثيرة.
غير أن ما أركز عليه هنا هو المادة (33). ماذا يقول نص تلك المادة؟ يقول: «يعاقب بالحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار او بيانات غير حقيقية عن أى عمليات ارهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون اخلال بالعقوبات التأديبة المقررة فى هذا الشأن»، أى ان هذا النص يهدد بالقضاء على إحدى أهم المكتسبات التى انتزعها الصحفيون فى نضالهم الطويل من أجل ترسيخ حرية الصحافة، وهى إلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر. ولكى أوضح لك أيها القارئ الكريم هذه المسألة فسوف أعود بك إلى القضية التى رفعتها مؤخرا أنا ــ كاتب تلك السطور ــ على الزميل أحمد موسى بسب ما نسبه إلىَ فى برنامجه على قناة صدى البلد من افعال و أوصاف رأيت أنها تتضمن سبا وقذفا فى حقى، مما أدى إلى الحكم بحبسه عامين بتهمة السب والقذف. غير أن أحمد موسى حصل على البراءة فى الاستئناف، لماذا؟ لأن المحكمة رأت أن ما صدر عن موسى لم يكن سبا وقذفا وإنما هو نوع من النقد المباح للشخصية العامة، الذى تتيحه حرية الإعلام التى هى «الضمانة عن حرية التعبير والرأى بالدولة»، وذكرت حيثيات الحكم أن المحكمة استبان لها أن العبارات التى قيلت «لا تعدو إلا أن تكون نقدا مباحا ولا تحمل فى طياتها أية قذف أو إساءة فى حق المدعى بالحق المدنى». لماذا قالت المحكمة ذلك؟ لأننى وفق هذه الحيثيات «شخصية عامة» وأن «من مقتضيات العمل العام هو امتثال صاحبه لكافة أنواع النقد المباح، كما يخضع لجميع أنواع الثناء والمديح». وهكذا عزيزى القارئ إذا كنت شخصا عاديا ونالك ذلك النقد الشديد فمن حقك أن تعتبره سبا وقذفا ويكون بإمكانك أن تحبس قائله، أما إذا كنت «شخصية عامة» فعليك أن تتحمل ما يوجه إليك... والآن، هل تحب أن تكون «شخصية عامة»؟