د.أسامة الغزالي حرب
حسنا فعلت رئاسة الجمهورية عندما أعلنت، فى البيان الذى أذاعته صباح الإثنين الماضى (17/8) عن وفاة والدة الرئيس عبد الفتاح السيسى،
أن العزاء سوف يقتصر على الاسرة فقط، وأن الرئيس وجه بعدم نشر اى عزاءات فى أى من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأن الرئاسة طالبت من يرغب فى نشر مساحات نعى بالصحف ووسائل الإعلام المختلفة بالتبرع بنفس قيمة النعى المادية لصندوق «تحيا مصر». هذا سلوك راق غير مستغرب من الرئيس السيسى، ولكنه لن يمنع المواطنين من مشاطرة الرئيس أحزانه فى وفاة والدته كما هى عادتنا جميعا نحن المصريين فى تلك المناسبات الحزينة.
غير أن ما حرك مشاعرى فى ذلك الخبر أننى تعرضت فى بداية العام الماضى لذلك الشعور الخاص الذى يتملك الإنسان فى سن متقدمة عندما يفقد والدته، وتذكرت عنوانا لكتاب مؤلف سعودى هو «صالح حسين العايد» عنوانه «يظل الرجل طفلا حتى تموت أمه: دمعة على قبر أمى» يقول فى مقدمته : «هذا كتاب رسمت حروفه وكلماته وجمله بمداد من قلبى قبل مداد قلمى، ومهرته بالعبرات قبل العبارات، فهو صدى لفقد أحب الأحباب». كما تتوارد إلى ذهنى أشعار وعبارات كثيرة لرثاء الأم فى تلك المناسبة ولكنى أحب هنا أن أشير إلى أبيات محمود درويش «أحن إلى خبز أمى.. وقهوة أمى.. ولمسة أمي..، وتكبر فى الطفولة... يوما على صدر يوم.. وأعشق عمرى لأني.. إذا مت، أخجل من دمع أمى»، وأيضا كلمات نزار قبانى: «عرفت عواطف الأسمنت والخشب، عرفت حضارة التعب.. وطفت الهند، طفت السند، طفت العالم الأصفر.. ولم أعثر.. على امرأة تمشط شعرى الأشقر، وتحمل فى حقيبتها إلى عرائس السكر.. وتكسونى إذا أعري، وتنشلنى إذا أعثر، ايا أمي».
يتبقى- فى هذا السياق عتاب أرسله لتلميذى وأخى العزيز د.عمرو هاشم ربيع عندما قارن بين سلوك الرئيس السيسى فى عزاء والدته، وبين ما حدث عقب وفاة حفيد مبارك محمد علاء مبارك الذى مات فى الثالثة عشرة من عمره عقب أزمة صحية حرجة. لا يا عمرو، هذه مقارنة لا تجوز! وفاة الطفل محمد علاء مبارك كان محنة إنسانية استحقت منا جميعا ان نواسى والده وجده بصرف النظر عن أى شئ آخر. تلك مشاعر إنسانية ينبغى دائما ان تسمو فوق اى اعتبار آخر!