د.أسامة الغزالي حرب
الكتاب الذى أعرضه هذا الاثنين عنوانه »لماذا تفشل الأمم: حول أصول القوة و الرخاء و الفقر«. صدر فى الولايات المتحدة عن دار نشر »كراون بيزينس« من تأليف عالمين اقتصاديين : دارون عاصم اوغلو« الأستاذ فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والآخر هو جيمس روبنسون الأستاذ بجامعة هارفارد.الكتاب صدر فى عام 2013، ولكنى حصلت عليه مؤخرا. انه نوع من الكتب التى يصعب عرضها فى عامود صحفى، ولكنى أدعو لقراءته لكل من يستطيع ذلك ، و الأهم من ذلك أتمنى أن يترجم الى العربية. ان الكتاب يطرح تساؤلا حيويا: أى العوامل أكثر تأثيرا فى نجاح أمم معينة و فشل أخرى؟ -وهو يقصد النجاح الاقتصادى و ما ينتج عنه من رخاء و ازدهار، هل هى الثقافة، أم المناخ ، أم الموقع الجغرافى.. ويجيب بحسم أن أيا من تلك العوامل ليست هى المسئولة، وانما العوامل المسئولة هى عوامل من صنع الانسان نفسه، و تتمثل فى »المؤسسات« السياسية و الاقتصادية، التى تشكلها الأمم والشعوب، و هى التى تحدد نجاحها أو فشلها الاقتصادى، وعلى سبيل المثال فان كوريا بلد شديد التجانس والتماثل، و مع ذلك فان الشعب فى كوريا الشمالية هو من أفقر شعوب العالم فى حين أن اشقاءهم فى كوريا الجنوبية يعدون من أغنى شعوب العالم! ان الفارق بينهما يكمن فى السياسات والمؤسسات التى خلقت هذا الفارق الهائل بينهما. و على هذا المنوال يسعى المؤلفان لكى يستخلصا من الخبرة التاريخية فى العالم كله، من الامبراطورية الرومانية ومن دولة المدينة فى حضارة المايا بالمكسيك ...و حتى الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى وافريقيا نظرية للاقتصاد السياسى تسعى للاجابة حول الأسئلة الكبرى فى العالم المعاصر حول نجاح و فشل الأمم، وهما يثيران فى هذا السياق سؤالين كبيرين، أولهما: هل سوف يستمر الاقتصاد الصينى فى النمو بنفس معدله الحالى بما يؤدى فى النهاية الى تفوقه على الاقتصاد الغربى؟ وثانيهما: هل سيصبح ازدهار الاقتصاد الأمريكى جزءا من الماضى؟ وهل الأمريكيون و الغربيون عموما يخلقون دائرة شريرة تؤدى الى اثراء و تمكين أقلية محدودة؟ الكتاب مهم ويتبقى الاشارة الى أن المؤلفين ذكرا فى الصفحة الأولى من المقدمة أنهما وهما يكتبانها قامت الثورة فى تونس ثم فى مصر ، وأطاح المتظاهرون فى ميدان التحرير بحسنى مبارك، واعتبرا تلك الأحداث دعما لأفكارهما، لأنه لا يمكن فصل الثورتين عن الفقر والحاجة التى سادت بين الغالية الساحقة من الشعبين!