د.أسامة الغزالي حرب
القمة المزمع عقدها فى الشهر الحالى، نوفمبر، بين رؤساء مصر واليونان وقبرص، هى خطوة موفقة للغاية فى الطريق الصحيح لترتيب علاقات مصر الإقليمية، خاصة فى مواجهة التهديد التى تمثله السياسة التركية فى المنطقة، كما أنها تعنى إعادة توازن مطلوبة فى السياسة الخارجية المصرية. والواقع ان علاقات مصر مع كل من البلدين ـ اليونان وقبرص ـ لها «مذاقها» الخاص!
فاليونان الحديثة كانت دائما قريبة من الشعب المصرى، خاصة من خلال الجالية اليونانية الكبيرة فيها وبالذات فى الإسكندرية، وكذلك فى القاهرة وبورسعيد وغيرهما. واندماجهم فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وانشطتهم التجارية ـ من خلال المحال والمطاعم والمقاهى...إلخ أمر بارز ومميز، فضلا عن «النادى اليونانى» فى القاهرة والإسكندرية وبورسعيد. وهل هناك أبلغ فى الدلالة على خصوصية تلك العلاقة من الشاعر اليونانى الكبير كفافيس الذى عاش فى الاسكندرية عمره كله تقريبا ومات فيها عام 1933. وهل يمكن أن نفصل الإسكندرية عن معالمها اليونانية الجميلة: تريانون وسانتا لوتشيا وديليس وإيليت وزفريون....إلخ . العلاقة بين الشعبين المصرى واليونانى إذن شديدة الخصوصية، ويكتب فيها الكثير والمثير!
والأمر نفسه ينطبق على العلاقات بين مصر وقبرص. وأنا أنتمى إلى الجيل الذى لا يزال يذكر جيدا العلاقة الخاصة بين الرئيس جمال عبد الناصر والأسقف مكاريوس أول رئيس لقبرص بعد استقلالها عن بريطانيا، ومواقفه المشرفة إلى جانب مصر. وهل ننسى أن الرئيس القبرصى الحالى نيكوس أناستاسياديس كان هو الرئيس الأوروبى الوحيد الذى حضر مراسم تنصيب الرئيس السيسى؟ العلاقات المصرية مع اليونان وقبرص تتجاوز بكثير العلاقات الدبلوماسية والسياسية التقليدية مع أطراف «خارجية»، فهى قوى إقليمية صديقة لنا، ولها ثقلها التاريخى ـ الشعبى والثقافى ـ الذى ينبغى أن نهتم بدعمه وتنميته!