د.أسامة الغزالي حرب
مرة أخرى نفاجأ بسلوك جمعى للشعب المصرى لا يخلو من دلالة لا يمكن إغفالها، لقد كنت ومازلت بالطبع من الداعين للمشاركة فى الإنتخابات البرلمانية بلا اى لبس او تردد، فتلك هى الديمقراطية التى ننشدها جميعا لبلدنا لينطلق للأمام بعد ثورتيه العظميتبن فى 25 يناير و 30 يونيو، وعاصرت- عن كثب- عملية اختيار المرشحين لحزب المصريين الأحرار و التى تمت على اعلى مستوى من الكفاءة للوصول إلى افضل المرشحين على الإطلاق فى الغالبة العظمى من الدوائر الإنتخابية، وحضرت مؤخرا مؤتمرا انتخابيا حاشدا فى الواسطى (بنى سويف) شهده ما يقرب من اثنى عشر الف مواطن لدعم مرشح الحزب ، مما يوحى بمشاركة عالية لا يمكن التقليل منها ، غير ان هذا كله لم ينعكس على إقبال الناخبين على صناديق الانتخاب، وفيما يبدو فقد شهدت المرحلة الأولى إقبالا هزيلا للغاية لا يتناسب مع أهمية إنشاء مجلس النواب، واستكمال مقومات النظام الديمقراطى.لماذا حدث ذلك؟ من الواضح أولا أن تركيز الاحزاب على اختيار مرشحيها و دعمها لهم لم يواكبه جهد منظم مواز لتوعية أعضائها، بل و الجمهور كله، بأهمية و حيوية المشاركة، فيما عدا حزب النور، على ما أتصور، و هو الحزب الذى أصر على لاشرعيته باعتباره حزبا دينيا يرفضه الدستور.غير أن الأهم هنا ذثانيا- هو المشهد العام فى مصر و الذى سادته روح الردة عن ثورة 25 يناير، و بروز وجوه يعلم الشعب المصرى كله هويتها و ارتباطها الكامل بالنظام القديم واستماتتها فى الدفاع عنه! و فوق ذلك لم تكف بعض الاجهزة الأمنية عن لعبتها التقليدية فى الدفع بعناصر معينة فضلا عن تقديم قائمة «فى حب مصر» و الإصرار عليها ، بل وربما قوائم اخرى، تلك ممارسات لاعلاقة لها بالديمقراطية على الإطلاق، فإذا أدى هذا كله إلى مقاطعة المصريين الإنتخابات النيابية وشعورهم بعدم جدواها، فتلك نكسة للثورة المصرية ،و جرس انذار لا يمكن تجاهله !