د.أسامة الغزالى حرب
خبر نشر فى صحافة أمس الاول يقول إن السلطات الأميركية أفرجت عن صور نادرة لآثار إلقاء القنبلة النووية على اليابان فى الحرب العالمية الثانية. هذه الصور كان قد التقطها مصور يابانى، هو الوحيد فى العالم الذى وثق تلك المذبحة البشعة، فى صباح اليوم نفسه الذى ألقيت فيه القنبلة: 9 أغسطس 1945.
فى هذه الصور تظهر آثار الدمار والخراب الذى سببته القنبلة النووية، ويقال إن جنديا أميركيا استولى فى ذلك الحين عليها حتى لا تستخدم كدعاية مضادة ضد بلده، والتشهير بقتل 75 ألف مواطن يابانى فى مدينة ناجازاكى وحدها فى لحظات الهول والجحيم التى نجمت عن إلقاء القنبلة! لقد ذكرنى هذا الخبر بزيارة كنت قد قمت بها لليابان فى عام 1995 وكان من بين بنودها زيارة مدينة «ناجازاكى» . وصلت مع المرافق بالقطار من طوكيو حيث اتجهنا على الفور إلى المتحف أو المعرض الكبير فى ناجازاكى الذى يحكى بالصور وبعديد من مخلفات هذا اليوم المشئوم، تفاصيل تأثيرات إلقاء أول قنبلة نووية فى التاريخ على تلك المدينة التى اختارها الأمريكيون كأحد هدفى الضرب النووى! ومع أن قوة تلك القنبلة تبدو الآن هزيلة مقارنة بالقنابل النووية الموجودة الآن فى المستودعات العسكرية للولايات المتحدة والقوى النووية الأخري، إلا أن تأثيراتها المدمرة مذهلة و تفوق الخيال. غير أن ما أبهرنى فى تلك الزيارة كان هو مظاهر رد فعل الشعب اليابانى لذلك الحدث. فكما هو معروف كان إلقاء القنبلتين على ناجازاكى وهيروشيما هو العامل الحاسم فى قرار استسلام اليابان الذى اتخذه الإمبراطور، لتجنب إزهاق أرواح المزيد من أبناء شعبه. غير أن الشعب الياباني، وفى مقدمته القليلون الذين نجوا من الدمار النووي، انهمكوا على الفور فى إزالة آثار الكارثة،منذ اليوم التالى لها مباشرة. ويحكى كل شبر فى ناجازاكى قصص البطولة، والإصرار على إعادة البناء وطى تلك الصفحة الدموية الحزينة ، من تاريخ المدينة واليابان كلها، لتعود اليابان، ليس كقوة عسكرية عدوانية، وإنما كقوة مدنية مسالمة ومزدهرة، تبهر العالم بإبداعاتها ومنتجاتها المدنية المتقنة و المتفوقة.