صلاح منتصر
صحيفة »الشرق« هى الصحيفة الرئيسية فى إمارة قطر.. وفى عدد أمس الأول الاثنين وعلى ثمانية أعمدة لصفحتها الأولى أبرزت الصحيفة حجم المشاعر الإنسانية التى عبرت بها قطر عن رفض الإرهاب وضحاياه، فكان العنوان الرئيسى: الشيخة هند تتقدم آلاف المشاركين بمسيرة تضامنية بجامعة حمد بن خليفة، 50 ألف دولار تبرعات خلال ساعات، قطر تتضامن مع الضحايا وتندد بالإرهاب.
ولابد للقارئ حسن النية تصور أن الإرهاب المقصود الذى حرك وهز مشاعر المسئولين القطريين هو الجريمة الوحشية التى ارتكبتها داعش وذبحت فيها بقلوب خلت من الإنسانية 21 مصريا مدنيا مسالما فقط لأنهم مسيحيون! لكن بالنسبة لقطر وتقدم الشيخة هند بنت حمد آل ثانى مظاهرة المتضامنين ضد الإرهاب، فقد كان هناك بالنسبة لمسئولى قطر ما هو أهم وأجدى ويستحق، وهم الطلاب الثلاثة المسلمون (ليسوا قطريين وإنما من أصل فلسطينى) الذين قتلوا يوم 10 فبراير فى مدينة «تشابل هيل» فى ولاية نورث كارولينا الأمريكية، وحسب وصف الصحيفة التى نشرت تفاصيل الخبر وتصريحات وتحليلات المسئولين بعد ذلك فى خمس صفحات داخلية (أقسم بالله لا أبالغ)، فإن مؤسسة قطر التعليمية ـ هكذا شرحت صحيفة الشرق ـ دعت الطلبة فى قطر للتعبير بشكل رمزى عن أواصر الاخوة التى تجمع الطلاب بنظرائهم حول العالم.
أما خبر المذبحة التى تحرك لها الحجر فى كل العالم فقد نالت مكانها على عمودين فى جانب الصفحة الأولى فى ذيل الصفحة لا يتجاوز 150 كلمة تحت عنوان: السيسى يدعو مجلس الدفاع للانعقاد وحداد فى القاهرة.. داعش يذبح 21 مصريا فى ليبيا.
وغير ذلك أى دمعة حزن لا لا لا، وأى كلمة مواساة لا لا لا، وحتى رأى «الشرق» فى الصفحة رقم 30 الذى حمل عنوان: مسيرة وصرخة من أجل الإنسانية، كان كله عن ضحايا ولاية نورث كارولينا.. فعلا هذه هى الإنسانية الحقيقية فى أسمى معانيها!