صلاح منتصر
تغيرت عاداتنا وتقاليدنا بسبب التليفون المحمول الذى دخل حياتنا مؤخرا وشهد من التطورات السريعة مالم يشهده جهاز آخر.
قبل خمسين سنة أذكر أنه كان من الضرورى المرور على الأقارب والأهل لتهنئتهم دون أى قيود أو مواعيد مسبقة.. نضرب الجرس وندخل.. أيامها كانت الحياة سهلة والناس أقل من نصف عدد اليوم، والشوارع أخف، وقيادة السيارة متعة يروح بها صاحب السيارة عن نفسه.
من عشرين سنة اتجه الناس إلى تبادل برقيات التهانى، فى الوقت الذى لم يكن رنين التليفون الأسود الثابت فى البيت يتوقف، حاملا أصوات الذين يهنئون بالعيد، وإن ظلت عادة تبادل الزيارات إلى حد ما «على خفيف»، وبعد إبلاغ من سنزوره بموعد الزيارة فقد أصبح عيبا أن «تطب» على قريب أو صديق دون أن تستأذنه مقدما.
منذ خمس سنوات ومع انتشار التليفونات المحمولة تغيرت الحياة والعادات ، وأصبح من وظائف المحمول كتابة رسالة وارسالها إلى الآخرين، وظهر اتجاه رسائل التهانى التى يكتبها صاحب التليفون إلى معارفه واحدا واحدا يهنئهم فيها بالمناسبة.. توقف الناس عن زيارات التهانى بعد أن باعد الزحام واختناقات المرور بينهم، وأصبحت قيادة السيارة عبئا كبيرا إن لم يكن من الزحام فمن صعوبة أماكن الانتظار.. وفى وسط هذا ظل التقليديون يحافظون على استخدام المحمول فى مكالمة الآخرين لتهنئتهم، فسماع الصوت هو الحياة.
هذه الأيام تم تماما شطب تبادل زيارات التهنئة بالمناسبات والأعياد، فلا أحد عاد يفكر فى هذه الزيارات، وخرس صوت التليفون الثابت فى البيوت إلى درجة أن رنينه أصبح مزعجا بعد أن أصبح لكل فرد فى الأسرة اسمه ورقم تليفونه المحمول الذى يرافقه، وأصبح بعض أفراد الأسرة الواحدة يتبادلون الحديث مع بعضهم بالمحمول داخل الشقة الواحدة لوجود أحدهم فى غرفة أخرى.. حتى مكالمات التهنئة ضاق بها الكثيرون، ولهذا ظهرت شركات تبلغها كشفا بأسماء الذين تريد تهنئتهم لتتولى هى ابتكار بعض العبارات المنمقة ترسلها إليهم بصيغة واحدة. حتى التهانى أصبحت تتولاها شركات متخصصة بالوكالة عن اصحابها، ومازال «التطور» مستمرا!.