صلاح منتصر
في مختلف الاحداث التي عاصرها جيلي كنت حاضرا وفي أحيان كثيرة شاهد رؤية علي ما يحدث، فيما عدا ثورة يناير 2011
التي كنا يومها ـ زوجتي وأنا وثمانية أزواج آخرين ـ علي ظهر الباخرة العملاقة كوين ماري (2600 راكب) في رحلة بدأت من نيويورك يوم 14 يناير وتنتهي في لوس انجليس يوم 31 عابرة قناة بنما التي تربط بين شرق وغرب أمريكا دون الدوران حول رأس القارة الأمريكية الجنوبية، وقد تم الحماس لحفر قناة بنما بعد نجاح حفر قناة السويس، وبينما كنا متلهفين لعبور قناة بنما بالطريقة المختلفة عن عبور قناة السويس جاءتنا الأخبار عن مظاهرات اشتعلت في مصر وفشل الشرطة في مواجهتها.
من أصعب ما يمكن أن يجتاز الوطن حدثا مهما وانت بعيد عنه، ولم تكن التليفونات سهلة حتي نتابع منها ما يحدث، وقد تلقت زوجتي صورة في رسالة من صديقة توضح شكلا جديدا للتظاهر في ميدان التحرير لم يسبق أن عرفته مصر، وقد دارت الصورة علي جميع أفراد المجموعة مرة ومرتين ولم يعد لنا حديث إلا عما يجري في مصر، ومراعاة لحالة القلق التي أصبحنا نعيشها خصصت لنا إدارة الباخرة حجرة تضم مجموعة المصريين، توسطها تليفزيون مفتوح علي قناة سي إن إن التي أصبحت المصدر الأساسي للأخبار.
وتحولت الغرفة الخاصة إلي «مكلمة» كان أساسها الأخبار التي كنت أجيء بها من الصحف المصرية التي نجحت في الوصول إليها ، لكنها لم تكن تعطي الحقيقة حقها ، فقد تحدثت في البداية عن مظاهرات »تطالب بمواجهة انفلات الأسعار والبطالة«، وفي اليوم التالي أعلنت عن إصابة 162 شرطيا في المظاهرات ومطالبة أمريكا لمصر باتخاذ المزيد من الإصلاحات، حتي جاء يوم 28 وأصبح واضحا أن أمورا كثيرة تغيرت خاصة بعد أن أعلن عن اختفاء الشرطة ونزول الجيش، وكان لابد أن نغير برنامجنا ونطير في نفس يوم وصولنا لوس أنجلس إلي نيويورك لنلحق بطائرة مصر للطيران إلي القاهرة التي وصلناها ليلا، وكانت ليلة لا تنسي تعرضنا فيها لنحو 20 لجنة شعبية مررنا بها وخيل لكل لجنة أنها الحاكم بأمره!.