بقلم : صلاح منتصر
34ـ وقعت إسرائيل فى الفخ . أربع كلمات قالها الأستاذ أحمد سعيد فى الراديو التاسعة صباح الاثنين 5 يونيو 67 انطلقت فى أعقابها الزغاريد من البيوت، وارتفعت أصوات أجهزة الراديو فى كل مقهى وكل بيت، ووجد الناس فى الشوارع أنفسهم يحادثون بعضهم بصوت عال يعبر عن القوة ، وترك جنود المرور مواقعهم فرحا وأصبح الشارع فى قبضة شعب يشعر أن هذا اليوم هو أسعد أيام حياته وأنه خلال ساعات ستكون القوات المصرية قد أدبت إسرائيل .
عانقت زوجتى ـ رحمها الله ـ مهنئا ، وأسرعت إلى مبنى الأهرام فى مقره القديم على قمة شارع شريف وسط القاهرة وأنا أشعر طوال الطريق أننى أسير فى بلد يحتفل بأزهى أعياده . فور وصولى كان كل شىء مقرراً أن أتولى تغطية الحدث الأكبر للصحيفة فبدأت أجمع البيانات العسكرية التى توالت وزفت إلى الناس أخبار عدد الطائرات الإسرائيلية التى أسقطتها قواتنا .
كان دسك الأهرام يقع فى أكبر صالة بالمبنى فى الدور الأول وملحق به غرفة توجد بها ستة أجهزة تيكرز كل منها خاصة بوكالة أنباء (رويترز، يونايتدبرس، أسوشيتيدبرس، الألمانية، الشرق الأوسط، نوفوستى ..) وقد لاحظت فور وصولى إغلاق باب هذه الحجرة بالمفتاح من الخارج وقيام سكرتيرة الأستاذ هيكل بفتح الغرفة كل ساعة وجمع الأخبار التى ترسلها الوكالات وأخذها مباشرة إلى الأستاذ دون أن ترينا ورقة واحدة رغم أنه كان المفروض أن تصب أمامى كل المصادر ، إلا أننى حتى السادسة مساء لم يصل لى سوى البيانات الرسمية التى تزايدت فيها ارقام الطائرات الإسرائيلية التى أسقطناها حتى وصلت إلى 89 طائرة .
فى الثامنة مساء استدعانى الأستاذ وسلمنى ورقة كتب فيها 13سطرا عناوين للصفحة الأولى يتصدرها سطر يقول: معارك ضارية على كل الجبهات مع العدو. وفى السطر الثالث : «إسقاط أكثر من 115 طائرة للعدو». قلت معترضا : البيانات التى أمامى تقول بإسقاط 89 طائرة فقط . قال الأستاذ بحسم : على بالليل حيبقوا 115
فى الطبعة الثانية فى منتصف الليل شطبت الـ 115 وكتبت 89 ولعلها أول مرة تتناقص فيها خسائر العدو مع مضى الوقت !.