بقلم : صلاح منتصر
احتاج الأمر إلى خمسين سنة هجرية و44 سنة ميلادية كى يلتقى يوم 5 يونيو (يوم النكسة) مع يوم العاشر من رمضان (يوم النصر) بعد أسبوعين . ومن المصادفات أن يوم 5 يونيو كان يوافق يوم إثنين وهو هذا العام يوافق أيضا يوم الإثنين لكنه بالهجرى يوافق يوم العاشر من رمضان .
وهى أول مرة على ما أتذكر تأتى هذه المصادفة التى تجمع فى يوم واحد بين النقيضين، ولعلى أقرر أن يوم 5 يونيو 67 كان أسعد أيام المصريين . فعندما أعلن المذيع الشهير أحمد سعيد حسب البيانات الرسمية التى تلقاها فى التاسعة صباحا «وقوع إسرائيل فى الفخ» الذى نصبناه لها وبدأها الحرب ضدنا تعانقت مع زوجتى فرحا وهلل الشارع الذى كان ينتظر هذه اللحظة بنفوس شحنها الرئيس جمال عبد الناصر على الآخر وأصبحنا كما أعلن بثقة ننتظر لحظة بدء الحرب لتدخل قواتنا تل أبيب «ونشوف فيهم يوم»!
الحكمة تقول يمكنك أن تخدع الناس بعض الوقت وهذا ماحدث فبعد أربعة أيام اكتشفنا أننا الذين وقعنا فى الفخ وأن كل البيانات العسكرية التى صدرت عن إسقاطنا أكثر من مائة طائرة كانت وهما .
واليوم وقد فاتت السنين وأصبح الحكم على هذه الأيام برؤية العقل لا العاطفة فإننى أسجل أمام التاريخ أن قواتنا المسلحة فى 67 تم تدمير سلاحها من طائرات ودبابات ومصفحات، لكن لم يدمروا إرادتها وعقيدتها القتالية. فمن المستحيل بكل المقاييس لو أن الرجال كان قد جرى تدميرهم أن يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم ويستعيدوا قدراتهم ويتموا تدريباتهم وينفذوا خططهم ويحققوا الذى حققوه بعد ست سنوات فقط! نعم هزم السلاح ولكن لم يهزم الرجال، ورغم أن ماتم تعويضه من سلاح كانت إمكاناته أقل مما كان فى يد إسرائيل إلا أن قدرة الرجال عوضت الفارق وبصورة لم يتصورها أكثر المتفائلين .
أسبق اليوم الذى يحل بإذن الله بعد أسبوعين وأقول نعم فى مثل هذا اليوم هزمنا لكننا أيضا فى مثل هذا اليوم هزمنا الهزيمة وانتصرنا!.
المصدر : صحيفة الأهرام