بقلم : صلاح منتصر
يوم اشتريت ثلاجة ايديال «9 قدم» عام 1963 ودفعت فيها 85 جنيها بالاضافة الى جنيهين مصاريف نقل ، كان حدثا عظيما فى حياتنا الزوجية التى كان عمرها شهوراً وقد تشاورت مع زوجتى رحمها الله حول المكان الذى نضعها فيه فى شقة 100 متر حجرة نوم وحجرة سفرة وصالون ومطبخ وصالة بها كنبة وتليفزيون . وكان هناك رأى بأن نضعها فى الصالون أو فى الصالة الصغيرة حتى اذا زارنا زائر أو دق أحدهم جرس الباب وفتحنا الباب عرف أن فى بيتنا ثلاجة . ورغم أنه كان هناك مكان مناسب للثلاجة فى المطبخ فإننا استبعدنا ذلك على اعتبار أن الثلاجة كما كانت عادة البيوت فى ذلك الوقت «قطعة موبيليا بيضاء» يفاخر بها البيت ويبرزها فى مكان واضح . الا أنه نظرا لظروف المساحة وجدنا لها ركنا فى حجرة السفرة خاصة أننا اكتشفنا أن امكاناتنا المادية لم تكن تسمح «بتعمير» الثلاجة كما يجب ، وأنه من المصلحة وضعها فى مكان لا يسمح للغريب اذا طلب كوب ماء وفتحنا باب الثلاجة أن يكتشف خلوها .
وهكذا فإننا لأكثر من سنة ظلت ثلاجتنا ديكورا أبيض لامعا كل ما فيه بقية طعام أكلناه ونحتفظ بالباقى لنأكله فى اليوم التالى أو قطعة جبن مع البطيخة التى كنا نأكلها على أيام ، فلم يكن الدخل يسمح بأكثر من ذلك رغم أن الأسعار فى ذلك الوقت كانت بالقرش والمليم .
ولم أكن وحدى الذى أدخل بيته ثلاجة ظلت خالية فترة طويلة ، فمعظم جيلى كان مثلى يكافح بشرف ويصعد درجات السلم درجة درجة خاصة أننى تعلمت من سنوات تربيتى فى دمياط الثلاثينيات والأربعينيات ألا أقترض وانما أوفر ولو جنيها واحدا فى الشهر لأجمع فلوس خلاط أو توستر أو راديو ترنزسستور وهى مقتنيات اشتريناها على سنوات وفرحنا بكل منها واحدة بعد الأخرى .
لهذا لم أعجب لما قاله الرئيس السيسى عن ثلاجته الخالية ، فكثيرون غيره كانت ثلاجاتهم خالية لكن كانت نفوسهم عامرة بالعزة والرضا !