بقلم : صلاح منتصر
فى 9 نوفمبر 1977 فاجأ السادات العالم باعلانه فى مجلس الشعب المصرى استعداده للذهاب الى آخر العالم، بل الى الكنيست الإسرائيلى نفسه اذا كان ذلك يمنع إراقة دم مصرى أو اسرائيلى . وفى نفس الليلة ـ وكنت المسئول فى دسك الأهرام بصالة التحرير ـ فوجئت عندما رفعت التليفون المباشر الموجود أمامى، بصوت المذيع الأمريكى الشهير فى ذلك الوقت والتر كرونكايت يتحدث من واشنطن ويسألنى (ولا أعرف كيف حصل على هذا الرقم الخاص) هل الرئيس السادات على استعداد لقبول دعوة من مناحم بيجين رئيس وزراء اسرائيل لزيارة القدس لو وجهت اليه. وطلبت اليه الاتصال بعد نصف ساعة أبلغت فيها على حمدى الجمال رئيس التحرير الذى اتصل بالرئيس السادات. وعندما جاءنى صوت كرونكايت ثانية أبلغته رد الرئيس، وبعد ساعات جرت الإجراءات الرسمية وذهب السادات الى القدس مساء يوم 19 نوفمبر ليصلى العيد فى المسجد الأقصى صباح اليوم التالى ويلقى مساء خطابه فى الكنيست .
وحسب التقارير فلم يشهد العالم حدثا تعلقت فيه الأبصار بشاشات التليفزيون مثل هذا الحدث غير المسبوق بين دولتين تحاربتا خمس حروب وحمل كل منهما العداء للآخر، وبالتالى كان مهما معرفة كيف سيعترف السادات بعدوه الذى يستند فى وجوده الى أسباب تاريخية. ولهذا تعد الفقرة التالية من خطاب السادات وثيقة تاريخية نصها: «لقد كنا نرفضكم وكانت لنا أسبابنا ودعاونا. نعم لقد كنا نرفض الاجتماع بكم فى أى مكان ونصفكم باسرائيل المزعومة. نعم لقد كانت تجمعنا المؤتمرات وكان ممثلونا ولا يزالون لا يتبادلون التحية والسلام. ولكننى أقول لكم اليوم وأعلن للعالم كله اننا نقبل بالعيش معكم فى سلام دائم وعادل» .
ثم يصل السادات الى أخطر فقرة يقول فيها: «لقد أعلنت أكثر من مرة أن إسرائيل أصبحت حقيقة واقعة اعترف بها العالم وحملت القوتان الأعظم مسئولية أمنها وحماية وجودها».
وعلى هذا الأساس جاء اعتراف السادات العظيم باسرائيل، باعتبارها أمرا واقعا فرضته الأمم المتحدة وظروف القوى التى نعيشها ولا نستطيع حاليا تغييرها وليس لدعاوى أو أسانيد تاريخية لا نعترف بها.