بقلم : صلاح منتصر
1- حتى شهر أكتوبر 1973 كانت الحياة ـ بالمقارنة لليوم ـ رخيصة جدا سواء فى مصر أو فى كل بلاد العالم . كانت أسعار المواد الغذائية تحسب بالقروش ، وكنت أذهب مع زوجتى رحمها الله ـ السينما ( 2 كرسى فوتيل لوج ) ونذهب للعشاء فى محل كبابجى ونعود إلى البيت بالتاكسى ومعنا عشرة قروش على الأقل بقية الجنيه .
فى ذلك الوقت كانت الدول المنتجة للبترول قد كافحت طويلا حتى تمكنت من إنهاء مرحلة طويلة ظلت شركات إنتاج البترول تنفرد فيها بتحديد سعر البترول الذى تحصل منه الدول على حصتها . ورغم هزيمة عام 67 فإن الدول العربية المنتجة للبترول بعد أن لوحت فيها باستخدام البترول سلاحا فى المعارك القومية حصلت على موافقة الشركات بالتفاوض على سعر البترول ونجحت فى زيادته من 1.80 إلى 3 دولارات للبرميل ( حجم البرميل 158 لترا ) .
ومنذ منتصف عام 1973 بدأت الدول العربية تناضل لزيادة السعر إلى خمسة دولارات للبرميل إلى أن اتفقت فى 16 سبتمبر على عقد اجتماع مع شركات البترول الكبرى يوم 9 أكتوبر فى فيينا لمناقشة زيادة السعر الذى تطلبه الدول .
وفى يوم 6 أكتوبر 73 بدأت حرب العبور المجيدة التى فاجأت العالم ،وبعد ثلاثة أيام جرى الاجتماع المتفق عليه بين ست دول عربية منتجة للبترول وبين وفد يمثل 20 شركة بترول يرأسه » جورج بيرسى » رئيس شركة إسو . ورغم أجواء الحرب ونجاح القوات المصرية فى عبور الهزيمة والإنهاء على أسطورة خط بارليف ، فإن وفد الشركات رفض الاستجابة لمطلب الدول العربية زيادة سعر البرميل إلى خمسة دولارات
وأنقل من مذكراتى مايلى :
يوم 12 أكتوبر أبلغ جورج بيرسى الشيخ أحمد زكى يمانى وزير بترول السعودية فى اجتماع بينهما فى فندق إنتركونتيننتال بفيينا عدم استطاعة الشركات تحقيق الزيادة التى يطلبها المنتجون إلا بعد التشاور مما يقتضى أسبوعين على الأقل . وكان رد يمانى أن استدعى سكرتيره فى حضور » بيرسى » وأبلغه اتخاذ إجراءات عودته لبلاده ، وفى اليوم التالى انفض الاجتماع بعد أن أعلنوا عن اجتماع خاص فى الكويت يوم 16 أكتوبر...