بقلم : صلاح منتصر
30ـ مساء يوم 30 أبريل 66 وقع حادث في قرية كمشيش مركز تلا بالمنوفية كانت له أصداء واسعة في كل مصر . فقد قتل بطلق ناري المواطن صلاح حسين الناشط السياسي عضو الاتحاد الاشتراكي في القرية في مشادة جري تصويرها بأنها من تدبير عائلة الفقي التي تعد من كبار ملاك الأراضي بالمحافظة ، ولصداقة القتيل بشقيق الرئيس أخذت القضية بعدا سياسيا فقد أطلت عقدة الانفصال السوري الذي كان وراءه الإقطاع السوري ، وعلي الفور اقتحمت المباحث الجنائية العسكرية القرية وتتبعت كل أفرادعائلة الفقي رجالا ونساء . وفي ساعات تمكنت من القبض علي 314 شخصا أودعتهم السجون ووقعت ضدهم جرائم جاء عنها في تقرير كتبه المستشار عبد الحميد عمر ( بعد نكسة 67 ) : «إن الفترة التي جرت فيها أحداث هذه القضية هي أسوأ فترة مرت بها مصر ، فهي فترة ذبحت فيها الحريات ووطئت فيها أجساد الناس بالنعال وأقر الرجال فيها بالتسمي بأسماء النساء ووضعت ألجمة الخيل في فم رب العائلة وكبير الأسرة ، ولطمت الوجوه والرؤوس بالأيدي كما ركلت بالأقدام . والمحكمة لا يسعها إلا أن تسجل أن المخلوق الذي ينسي خالقه ويأمر الابن أن يصفع وجه أبيه أمام الناس هو مخلوق وضيع وتافه» !
كان التصور أن الإقطاع عاد يطل برأسه فتقرر التنكيل بمن يفكر مجرد التفكير في رفع رأسه . وتم تشكيل لجنة عليا برياسة المشير عبد الحكيم عامر أطلق عليها « لجنة تصفية الإقطاع « ضمت 38 شخصا يمثلون كبار قيادات اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي والقوات المسلحة والمخابرات ( كان منهم علي صبري وشعراوي جمعه وصلاح نصر وشمس بدران ).
ومدت اللجنة عملها إلي كل مصر التي شهدت فترة بالغة من الرعب فرضت فيها الحراسات علي من تريد ،وصادرت ماشاءت من الأراضي والمحاصيل والعقارات ، واستحدثت ما سمته «الإقطاع الوظيفي» ، بحيث إذا ضمت أسرة عددا من القيادات الوظيفية البارزة ، وكان لها وضع اجتماعي ومركز أدبي أو علمي متيز ، إعتبرت أنها تمارس «الإقطاع الوظيفي « وقامت بفصل عدد من أبنائها تحت مسمي «تصفية الإقطاع الوظيفي» !