بقلم : صلاح منتصر
ماذا يفعل الأب الذى يريد تعليم ابنه تعليما جيدا إذا كانت مصروفات المدرسة فى «الكى جى» أو الحضانة قد وصلت إلى 100 ألف جنيه فى السنة الدراسية الواحدة غير المصروفات النثرية الضرورية وبند هدايا «الميس» ؟!
تغير الإقطاع فى رأيى من أب يترك لابنه «عزبة» كذا فدان ينعم بها بعد وفاته ، إلى أب يعلم ابنه تعليما جيدا على أساس أنه بالتعليم الجيد سوف يجنى ثمار عزبة أكثر من مائتى فدان. وهو ما فطن إليه مبكرا معظم الذين تم تأميم أملاكهم فى عصر عبد الناصر فعملوا على شىء واحد وهو تعليم أولادهم تعليما جيدا من خلال إدخالهم أحسن المدارس، ونتيجة لذلك نجح هؤلاء الأولاد فى حياتهم العملية ماديا واجتماعيا . هذا رغم أن التعليم الحكومى كان فى بداية ثورة يوليو 52 ولعشر سنوات تالية تعليما جيدا . وقد تعلمت شخصيا فى مدرستين حكوميتين هما دمياط الابتدائية والتوفيقية الثانوية، وأستطيع القول أن مستوى التعليم بهما لم يكن يقل عن أفضل المدارس، سواء التى فى مصر أو الخارج ، باستثناء القدر الأكبر من الإنجليزية والفرنسية فى المدارس الأجنبية وقتها .
اليوم أخذ التعليم فى المدارس طريقين أحدهما طريق الندامة والبطالة ، والآخر طريق الفرص والآفاق المفتوحة. إلا أن الذى يحير هو الأرقام الخرافية التى وصلت إليها رسوم التعليم فى المدارس الخاصة والتى أصبحت تبدأ من 75 ألف جنيه، وترتفع إلى125 ألف جنيه للسنة الدراسية الواحدة، وفين ؟ فى الحضانة ! فكم سيدفع الأب لهذا الطفل حتى يكبر ويجتاز سنوات التعليم المختلفة من الحضانة إلى الابتدائى إلى الثانوية إلى الجامعة إذا أراد توريث ابنه تعليما جيدا ؟ كم مليونا سينفقها خصوصا بعد سبوبة تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار الذى أصبح شماعة نعلق عليها كل الأطماع بحجة أن المدرسين أجانب حتى فى الحضانة ؟!. وكيف ستكون زنقة الآباء الذين أولادهم فى المدارس الخاصة ويادوبك استطاعوا أن يوفروا لهم المصاريف المطلوبة، واليوم يطالبونهم وهم فى منتصف الطريق برسوم مضاعفة!!
المصدر: صحيفة الأهرام