بقلم : صلاح منتصر
أصعب لحظات الحياة فراق الأحباب ..يذهب الحبيب الغالى إلى خالقه شهيدا بإذنه، ويبقى الحزن وحشا يفترس النفس ويعذبها . شاهدته على شاشة التليفزيون وتمنيت لحظتها أن تضعف مقاومته ويحرر الدموع التى احتبسها فى مقلتيه حتى يهدأ قليلا . وقرأت بعد ذلك حكايته فى الجمهورية وصدقت كل كلمة قالها .
اسمه اللواء محمد حلمى مشهور وهو اليوم على المعاش بعد أن أدى خدمته مدرسا فى الكلية الحربية مصنع الرجال . وكما حكى فقد طلب منه ابنه إسلام أن يشترى له بدلة مقاس 48 يحضر بها مناسبة سعيدة وعلى أساس أن يعود الخميس ، فلما تغيب اتصل به والده تليفونيا وكان جوابه أنه فى مهمة سيعود منها خلال يومين ، ولكنه لم يعد .
كان يعرف أن ابنه يضع روحه على كفه فى كل وقت وكل مهمة يقوم بها ،وكان مستعدا نفسيا لذلك ، لكن خبر استشهاد ابنه رافقته أخبار على الفيس بوك تقول إن قوات الشرطة التى ذهبت فى مهمتها فوجئت بالإرهابيين وإن ابنه النقيب إسلام محمد حلمى مشهور خاف وهرول هاربا ولكن رصاصات الشر لاحقته فى ظهره وأسقطته قتيلا .
ولم يستطع الرجل الذى درس للرجال فى الكلية الحربية معانى الفداء والتضحية أن يهدأ أو يرتاح ، وإنما أسرع راجيا أن يشاهد جثمان ابنه قبل أن تبدأ إجراءات تكفينه . وأمام الجثمان المسجى يلفه غطاء أبيض شد الأب الغطاء من فوق ابنه وهو يرتجف . وبعد لحظات تأمل وفحص دق لها قلب الأب كثيرا ، مال على صدر ابنه وقبله قبل أن يقبل رأسه ويحتضنه ثم يرفع رأسه ليقول لابنه الثانى الذى يقف إلى جانبه : الحمد لله.. أخوك مات بطل ..مات راجل والرصاص جه فى صدره مش فى ضهره زى مابيقولوا الكلاب على الفيس بوك.
وجاءت أم البطل الشهيد تسبقها دموعها وآهاتها لتجد زوجها يقول لها : «زغرتى» ياماما ..ابنك مات بطلا وشهيدا .
وبعد أن هدأ اللواء الأب قال : ارتحت لما شفت الرصاص فى صدر ابنى ، وإسلام مش خسارة فى مصر وكفاية إنه مات راجل ورفع راسى.