بقلم : صلاح منتصر
اليونان : فى أثينا منطقة راقية إسمها«بولا» مثل كل اليونان لاتجد ورقة فى شوارعها، ومبانيها لونها أبيض وفى ارتفاع واحد لايتجاوز أربعة طوابق ، وفوق أسطحها الخالية من الكراكيب خزانات مياه بالطاقة الشمسية، وسكانها معظمهم من المصريين. وسبحان مغير الأحوال فقبل ثورة 52 كان فى مصر نحو مليون ونصف المليون يونانى معظمهم يعملون فى مقاهى الإسكندرية وفى القرى المختلفة حيث فى كل قرية بقال يونانى . واليوم أصبح فى اليونان عدد كبير من المصريين الذين يعملون فى الصيد وأيضا من أصحاب الأملاك. ففى الأزمة اليونانية المالية أعطت الحكومة اليونانية من يشترى وحدة سكنية بما لايقل عن 250 ألف يورو ميزة خاصة هى منح صاحب الوحدة وزوجته وولدين قاصرين «ترخيص إقامة» فى اليونان ، وهذا بدوره يمنح صاحب الترخيص الحصول على تأشيرة «تشنجن» التى تسمح لحاملها بدخول دول أوروبا دون المرور على الجوازات .
لم يفوت المصريون الفرصة وأصبحوا من أصحاب الأملاك فى الوقت الذى وجدوا أثينا أقرب من كثير من قرى الساحل الشمالى، فالطائرة إلى أثينا فى ساعتين ومنها إلى القاهرة فى ساعة ونصف تقريبا . ولكن مع تحمل نوعين من العذاب : عذاب التفتيش وخلع الحذاء والحزام ورفع اليدين أمام موظف الأمن فى المطار، والتعذيب الآخر هو الإهانة التى أصبحت عملتنا تستشعرها بصورة بالغة نتيجة تدهور قيمة الجنيه فى مواجهة اليورو العملة السائدة فى أوروبا . وفى مصر مازالت ورقة بمائة جنيه لها قدر من الاحترام ، أما عندما تستبدل باليورو فإن المائة جنيه تنسخط إلى أقل من تسعة يورو يمكن أن تشرب بها فنجان قهوة ومعها كوز ذرة !
فى مقابل ذلك معاملة خاصة للمصرى من اليونانيين أولا للعلاقة التاريخية التى تحمل فى نفوس ملايين اليونانيين قدرا متوارثا من الحب وحنينا إلى الأيام التى أمضاها معظمهم فى مصر، وثانيا باعتبار المصرى الذى دخل بطريقة شرعية سائحا يمثل مصدر رزق ، بينما المهاجرون غير الشرعيين الذين كان عددهم يبلغ من ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف يوميا تضاءل عددهم إلى أقل من 40 ....