بقلم : صلاح منتصر
بعد ثانية من عرض الألعاب النارية اندفعت شاحنة بيضاء ضخمة بسرعة جنونية لتدهس أكبر عدد ممكن من الناس الذين كانوا فى طريقها . رأيت الأجسام تتطاير وكأنها مسامير صغيرة . بهذه الكلمات لخص صحفى فى جريدة «نيس ماتان» كان فى موقع الحادث تفاصيل العمل الإرهابى غير المسبوق الذى شهدته مدينة نيس الفرنسية فى الحادية عشرة إلا الربع مساء الخميس الماضى .
لايمكن لمتابع وصف الأمن الفرنسى أنه قاصر وإنما الحقيقة أن الإرهاب أصبح هو الأقوى نظرا لما يتمتع به من حرية اختيار هدفه فى المكان الذى يريد ، بالوسيلة التى يحددها ، فى الزمان الذى يختاره . وهكذا فإنه بينما كان الأمن الفرنسى يجند قواته لتأمين استاد باريس الذى احتشد فيه 78 ألف متفرج ، كان الإرهاب يختار مكانا آخر فى مدينة أخرى فى ليلة تموج فيها نيس بآلاف الزوار من كل أنحاء العالم الذين جاءوا ليقضوا أجازة صيف ويحتفلون بيوم حرية فرنسا .
يلفت النظر أن الوسيلة التى استخدمت فى عملية نيس عن طريق شاحنة طولها أكثر من عشرة أمتار يقودها سائق واحد دون أن يكون إلى جواره شخص آخر ، جديدة فى عمليات الإرهاب . ومع ذلك فضحاياها كان يمكن أن يكونوا أضعاف الذين قتلوا لو أنه تم ملء الشاحنة بطن أو أكثر من المتفجرات التى يمكن تفجيرها سواء بمعرفة السائق أو برموت من بعيد !
وهى عملية لا يمكن أن تكون فردية فلابد أن يكون وراءها تنظيم أعد الشاحنة وحدد الطريق واختار الموعد ، ومع أننى لا أزعم مشاهدة أفلام العنف كثيرا ، إلا أن اعتقادى أن مثل هذه الشاحنة سبق استخدامها فى بعض الأفلام السينمائية وبالتالى فإن تنظيم داعش الإرهابى لم يجهد فكره كثيرا لأنه أصبح أكثر قسوة ودموية من سابقه القاعدة ،والاثنان من إنتاج الغرب . القاعدة من مخلفات حرب أفغانستان ، وداعش من ثمار حرب العراق وسوريا . والمصيبة أن الأزهر الشريف مازال متحفظا فى عدم إعلان خروج «داعش» على الإسلام مع أنه ليس هناك تنظيم قتل من المسلمين ومارس عملياته فى المدينة المنورة المقدسة كما تفعل داعش .