صلاح منتصر
والحقيقة وأنا أتكلم عن مشروع تنمية قناة السويس أن الاثنين أصعب من بعض، مع أنه من حيث التمويل كان سهلا على الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يفتح الباب للأشقاء العرب للمشاركة فى المشروع، وبالقطع كانوا سيرحبون بذلك إلا أنه تعمد ألا يفعل مؤكدا أن يجرى المشروع بتمويل مصرى خالص رغم ضخامة المبلغ لأسباب أظن ـ ولست مخطئا ـ هي:
أولا : المحاولة المريبة التى حاولها الإخوان خلال فترة حكمهم القصيرة لتسهيل وضع يد قطر بالذات على مشروعات القناة مما ترك عقدة خاصة تجاه تمويل غير مصري.
ثانيا : الحفاظ على الملكية المصرية الخالصة للقناة والتى دفعنا ثمنها من أرواح العمال المصريين الذين حفروها وماتوا فى سبيلها، والحرب التى خضناها بعد إعلان عبد الناصر تأميمها، وبالتالى سوف يكون عارا أن تخرج ملكيتها ومشروعاتها من اليد المصرية.
ثالثا : تنمية انتماء المصريين وبخاصة الشباب، فهذا أول مشروع منذ طلعت حرب تتم فيه دعوة المصريين للمساهمة فى بناء بلدهم.
رابعا : تعمد اللجوء الى الشعب فى التمويل وليس الى الحكومة التى تجد نفسها مضطرة لطبع اوراق نقد تزيد من التضخم والغلاء، على عكس تمويل الشعب للمشروع الذى يسحب من المال المتداول ويخفض التضخم والغلاء.
خامسا : تعمد عدم الارتكان إلى الاخوة العرب فى كل احتياجاتنا، وبحيث لا يكون السؤال ماذا يقدم الآخرون لنا؟ بل ماذا نقدم نحن لأنفسنا؟!
وتحدى التمويل ليس سهلا فمبلغه كبير، وقد تصادفه عثرات بل صدمات، ولكن هذا هو قدرنا. الذى لابد منه.
أما التنفيذ، فقد كان سهلا على الرئيس السيسى أن يوافق على خطة تنفيذ المشروع كما قالوا فى ثلاث سنوات، ولكنه طلب وبإصرار تنفيذه فى سنة واحدة مع توفير كل طاقات العمل اللازمة لذلك، وقد يكون مناسبا كما حدث بالنسبة لمشروع السد العالى ان يكون هناك وزير فى الحكومة »وزير تنمية القناة« يتولى المسئولية كما كان الأمر بالنسبة للمهندس صدقى سليمان وزير السد العالي، بالإضافة إلى أن التحدى الأكبر ليس السنة فترة التنفيذ وإنما أيضا جودة العمل!