صلاح منتصر
كان من مفاجآت المحامى البارع فريد الديب محاولته استغلال أن حسنى مبارك لم يوقع يوم تنحيه (11 فبراير 2011) على قرار أو مرسوم بذلك ،
معتبرا أن هذا يعنى أن مبارك مازال رئيس مصر حتى اليوم ، وأنه بناء على ذلك ـ وهو الرئيس ـ لا تكون محاكمته إلا بقرار من مجلس الشعب . ومن المفارقات أن هذا هو نفس دفاع المتهم محمد مرسى عن نفسه والذى ظل يعتبر نفسه الرئيس !
والحقيقة أن مبارك لم يوقع فعلا أيه وثيقة يعلن فيها تنازله عن الحكم، فقد استدعت الظروف التى تسارعت إليها الأحداث يوم 11 فبراير أن يطير مبارك إلى شرم الشيخ ، وأن يتم إبلاغه تليفونيا وهو هناك بصيغة التنازل التى كتبها عمر سليمان وأحمد شفيق، والحصول على موافقته عليها تليفونيا ، إلا أنه طلب تأجيل إعلان البيان بعد اطمئنانه على ترك زوجته وولديه القاهرة للحاق به فى شرم الشيخ. وفيما بعد تنبه اللواء عمر سليمان إلى النقص الوثائقى فى ملف التنازل فكتب خطابا إلى المشير محمد حسين طنطاوى قال فيه «إدراكا من السيد الرئيس محمد حسنى مبارك لمسئولياته التاريخية تجاه الوطن واستجابة لمطالب الشعب الذى عبرت عنه جموعه ورغبة منه فى تجنيب البلاد مخاطر الفرقة فقد أبلغنى سيادته ظهر يوم الجمعة 11 فبراير 2011 بتخليه عن منصبه كرئيس لجمهورية مصر العربية، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة مقاليد البلاد وطلب منى أن أعلن ذلك للشعب».
وقد نشر هذا الخطاب فى عدد خاص من الجريدة الرسمية بتاريخ 12 فبراير : العدد 6 مكرر (د)
مع ذلك فقد أراح حسنى مبارك المحكمة من الرد على دفع محاميه من خلال الكلمة الوحيدة التى ألقاها طوال فترة محاكمته أمام المحكمة وقال فيها بالنص : مع تفاقم الأحداث ..اخترت طواعية أن أتخلى عن منصبى حقنا للدماء وحفاظا على تماسك الوطن كى لا تنزلق مصر إلى منحنيات خطيرة تدفع بها للتدهور ...« وبهذا الإقرار من صاحب الشأن انتهت حجة الذين قالوا إن مبارك لم يوقع أى وثيقة تنازل !