صلاح منتصر
لسنين طويلة اصابت الرؤساء والحكومات عقدة مظاهرات 18 و19 يناير 1977 التى خرجت ثائرة على زيادات الأسعار التى تم اعلانها فى ذلك الوقت واضطرت الرئيس السادات الى التراجع عنها رغم أن هدفها كان تعويد المصريين على التعامل مع السلع باسعارها الحقيقية التى كانت بسيطة جدا ، ولكن المظاهرات افسدت الهدف.
ليس بسبب زيادات الاسعار كما فهم البعض ، وإنما ـ وقد كنت شاهدا على هذه الفترة ـ لأن الحكومة كانت تعد المواطنين بالرخاء الوفير الذى سيسود الحياة بعد تقلص إعتمادات الحرب مع اسرائيل . وبينما الحديث عن حلم الرخاء ورخص الأسعار فوجيء المواطنون بالزيادات التى اعلنتها الحكومة فكانت غضبتهم لإحساس أن الحكومة ضحكت عليهم وخدعتهم وهو مالم يقبلوه .
ونتيجة عقدة مظاهرات 77 فقد تعاملت الحكومات المتعاقبة فى مصر مع أسعار السلع والخدمات بسياستين واضحتين . فما يقدمه القطاع الخاص استيرادا وانتاجا زادت أسعاره بلا حدود بدعوى الخضوع لحركة السوق الحرة ، بينما ما تقدمه الحكومة من طاقة وكهرباء وخبز وشاى وسكر وخدمات صحية وتعليمية ومواصلات تم تقييد أسعارها ومنع زيادتها على المستهلك عن طريق تحمل الحكومة الفرق بين التكلفة التى تتحملها والسعر الرخيص الذى تبيع به السلعة أو ما أصبح معروفا بالدعم ، مماأدى إلى : تدهور الخدمات الحكومية بشكل واضح ، و زيادة اعتمادات الدعم المطلوب بشكل فادح، مما كانت نتيجته زيادة الدين الخارجى إلى 50 مليار دولار والدين الداخلى من 147 مليار جنيه عام 1999 ، إلى اكثر من تريليون و700 مليار جنيه علما بان المليار الف مليون، والتريليون ألف مليار .
وفى الوقت الذى بلغت فيه ديون الخديو اسماعيل 126 مليون جنيه بنى بها القصور والاوبرا وواجهة مصر الحضارية التى نفاخر بها اليوم ، فإن ديون مصر ذهبت معظمها إلى دعم السلع دون أن تبنى مشروعا يفتح فرصة عمل ويضيف دخلا .
لا عجب بعد ذلك إذا واجه الرئيس السيسى الموقف بشجاعة وأدخل مصر غرفة العمليات بعد أن نفدت وسائل المسكنات .