د. وحيد عبدالمجيد
إنه الفنان العالمي روبن ويليامز الذي أدخل الضحكة إلي قلوب عشرات الملايين لسنوات طويلة، ثم ملأ مصيره المؤلم هذه القلوب حزنا. يشعر من يتابع تعليقات بعض محبي فنه الكوميدي أن قلوبهم تبكي بأكثر مما تدمع عيونهم.
فلم يكن رحيل ويليامز طبيعيا. لم يمت بل انتحر المرض الذي أصيب به (داء باركنسون) لا يترك المرء حتي يلفظ أنفاسه بل يدفعه إلي كتم هذه الأنفاس. فهذا داء نادر ولكنه مُدمر يبدأ برجفة في اليد ويؤدي إلي تصلب في الأطراف وبطء في الحركة وجمود في ملامح الوجه لأنه يهاجم الجهاز العصبي للإنسان ويقوده إلي اكتئاب حاد وربما حالة خرف ويدفعه إلي الانتحار.
بكي كثير من محبي ويليامز من قلوبهم عندما عرفوا أنه انتحر بسبب هذا الداء الذي أخفي إصابته به عن الجميع. ومن بين هؤلاء الذين بكوه، بعد أن أضحكهم فنه الجميل، كثير من المصريين والعرب تابعوا أعماله الرائعة مثل مسلسل الخيال العلمي الكوميدي Mark and Mindy، حيث أدي دور كائن فضائي نزل إلي الأرض من كوكب خيالي يُدعي «أورك» فوجد نفسه متورطا في مواقف غريبة ومثيرة. ويُعد هذا المسلسل هو الأكثر تشويقا في مجاله ربما خلال نصف القرن الأخير.
وهناك أيضا دوره المميز للغاية في فيلم لا يقل تميزا هوGood Morning Vietnam. فقد أدي في هذا الفيلم دور طيار مكلف بمهمة إذاعة برنامج ترفيهي للجنود الأمريكيين في فيتنام، والتحرك من جبهة إلي أخري لهذا الغرض في إطار من المفارقات الكوميدية المبدعة وقد ذهب بعض النقاد إلي أن ويليامز لم يكن مبدعاً فقط في هذا الفيلم، بل قدم لوحة إبداعية نادرة.
ولم يكن إبداع ويليامز كوميدياً فقط. فقد نجح في أداء أصعب الأدوار الدرامية، بدليل حصوله علي الأوسكار عن دور من هذا النوع في فيلم good will hunting عام 1997.
كما كان متميزاً في الأداء الصوتي بمختلف أنواعه، بما فيها محاكاة وتقليد الأصوات. ويعرفه كثير من المصريين عبر أدائه الصوتي في بعض أشهر أفلام الكارتون وخاصة happy feet الأكثر انتشاراً.
رحم الله روبن ويليامز الذي بكاه من أضحكهم وتصدر الهاشتاج الذي يحمل اسمه قائمة الكلمات الأكثر تداولا علي «تويتر» بمليون ونصف مليون عبارة نعي وعزاء خلال ساعتين بعد وفاته في 11 أغسطس الحالي.