د. وحيد عبدالمجيد
بمزيج مدهش من الجمال والحماس والرقة، خطفت المشجعات الإيرانيات أنظار مصورى وكالات الأنباء العالمية ومحطات التليفزيون والصحف التى تغطى «المونديال» الراهن فى البرازيل. نافست الإيرانيات نظيراتهن اللاتى تشجعن منتخبات لها شعبية واسعة فى العالم وتحبها فتيات من بلاد عدة.
وتبدو جميلات إيران أكثر قدرة على المنافسة فى هذا المجال من منتخب بلدهن الذى سيكفيه شرف المشاركة فى الدور الأول فى «المونديال» والعودة إلى «السجن الكبير» بعد أن يكون لاعبوه قد شهدوا جرعة مكثفة من الحرية التى يسمعون عنها.
وكان مما شاهدوه الحضور القوى لنساء إيرانيات لا يرون مثلهن إلا مختفيات وراء الشادور ومعزولات عن الرجال فى الأغلب الأعم. شاهدوا فتيات على طبيعتهن اكتسى كثير منهن باللون الأبيض الذى يسود الزى الرسمى للمنتخب الإيرانى. فيرتدى لاعبوه «شورتا» أبيض وقميصاً باللون نفسه مع خط أحمر فى أعلاه وخط أخضر فى الذراع لتكتمل ألوان العلم الوطنى الذى أبدعت كثير من جميلات إيران فى رسمه على وجوههن وجبهاتهن، بينما اكتفى من ارتدين الشادور منهن بحمله. ويثير الانتباه حماس إيرانيات الخارج «الهاربات» من جحيم السلطة الدينية رغم رفضهن طغيان هذه السلطة التى لم يلتفت بعض رجالها إلى شىء فى «المونديال» إلا ملابسهن التى يهاجموهن بسببها0 فلم يتغير شيىء فى النظرة الدونية الى المرأة حتى فى وجود رئيس معتدل مثل حسن روحانى.
فهذا الرئيس، الذى تعلوه سلطات المرشد الأعلى المطلقة، لا يملك شيئاً لستة شبان تم اعتقالهم فى 21 مايو الماضى بسبب فيديو على “يوتيوب” ظهروا فيه يرقصون على موسيقى الحب للفنان فاريل وليامز، إلا «توتية» كتب فيها: (السعادة حق لشعبنا0 لا ينبغى أن نتعامل بقسوة مع سلوك يعبر عن الفرح).
والحق أنها لم تكن قسوة فقط الهجمة على مشجعات منتخب إيران الجميلات، بل غلظة قلوب منزوعة منها الإنسانية وتهافت عقول لا تدرك المعنى العميق لحضورهن من أجل وطن يحافظن على حبه رغم هذا التهافت وتلك الغلظة. ولذلك لا نبالغ فى القول إن حضورهن فى البرازيل يمثل تحدياً ويوجه رسالة قوية إلى أولئك الغلاظ المتهافتين: رسالة من جميلات إيران إلى أقبح رجالها نفساً وعقلاً.