د. وحيد عبدالمجيد
اختلفت المواقف تجاه العدوان الإسرائيلى المتوحش على قطاع غزة. وفى هذا الاختلاف كثير من المواقف الرمادية، ولكن فيه أيضا خطاً فاصلاً بين موقف نبيل ضد عدوان ينطوى على جرائم ممنهجة فى بعض مناطق غزة، وخاصة فى حى الشجاعية الذى اختُطف فيه جندى صهيوني، وموقف خسيس يبرر هذا العدوان أو يجد ذريعة له. وهو يبلغ ذروة خِسته فى تأييد العدوان أو مساندته.
وليس غريباً أن نجد مواطنين أوروبيين وأمريكيين وغيرهم فى بلاد شتى يتخذون مواقف نبيلة تجاه العدوان، بينما يتخذ بعض العرب مواقف خسيسة لأسباب عدة أبرزها غياب العقل تحت وطأة الغوغائية أيا كانت خلفيتها. ولذلك نجد من غاب عقلهم بفعل اختزال قضيتنا الفلسطينية فى حماس يقفون فعليا مع من أضاعت هذه المرجعية عقلهم فداسوا علم فلسطين بأقدامهم أو أحرقوه ليرفعوا ما يسمونه علم الدولة الإسلامية.
غير أنه فى مقابل هؤلاء وأولئك من العرب الذين لا يحرك مشهد جثث الأطفال شيئاً من مشاعرهم ولا عقولهم، نجد عدداً كبيراً من غير العرب ينشطون فى مواجهة العدوان امتداداً لنضالهم ضد الاحتلال الصهيونى لفلسطين. وعلى كثرتهم، يلفت الانتباه موقف الموسيقى البريطانى المشهور عالمياً روجر ووتر الذى لعب ووتر دوراً محورياً فى الحملة الأوروبية التى صارت عالمية لمقاطعة إسرائيل ومؤسساتها وجامعاتها، والدعوة إلى سحب الاستثمارات منها، وتوثيق انتهاكاتها من أجل يوم تُتاح فيه فرصة لفرض عقوبات عليها.
وكان آخر ما قام به ووتر قبل أيام نجاحه فى إثناء صديقه المطرب الكندى نيل يونج عن إحياء حفلة فى تل أبيب. وليتنا نتأمل هذا المقطع الصغير جداً من رسالته إليه: (أرجوك ياصديقى .. أبلغنى أنك لن تفعلها.. فلست أنت الذى يدعم نظام فصل عنصرى استعمارى ..). وقد ألغى يونج الحفلة بالفعل إن لم يكن بسبب رسالة صديقه فنتيجة مذابح العدوان التى تُعد أوضح تجسيد حى لمفهوم الإبادة التدريجية للفلسطينيين الذى صكه ولا غرابة أيضاً المؤرخ اليهودى المناهض للصهيونية إيلان بابيه. فيا أيها النبلاء فى كل مكان: أخجلتمونا بنبلكم وأظهرتم مدى خِسة بعضنا.