بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
بدأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ولايته الثانية بسياسات يناقض بعضها بعضًا إن فى الداخل أو تجاه الخارج. الهجمة الشرسة على المهاجرين غير النظاميين تناقض السعى إلى إنعاش الصناعة عبر إعادة أكبر عدد ممكن من الشركات الأمريكية التى انتقلت إلى شرق آسيا فى الصين وفيتنام. غنىُ عن الذكر أن هجرة هذه الشركات تعود فى المقام الأول إلى حاجتها لعمالة رخيصة لا تجدها بسهولة فى الولايات المتحدة بسبب القيود المفروضة على تشغيل مهاجرين غير نظاميين, وعدم قدرة كثيرٍ منهم على الإفلات من العوائق التى يواجهونها.
يتناسى ترامب أن الولايات المتحدة دولة مهاجرين، وأن الكثير من العاملين معه فى فريقه هم أبناء مهاجرين حصلوا على الجنسية. كما أن عمليات ترحيل المهاجرين التى بدأت تبدو عشوائية، فلا تمييز فيها بين مهاجر يمكن أن يفيد وجوده فى دعم السعى إلى إعادة توطين الصناعات الأمريكية، وآخر لا فائدة منه. ولهذا ستبوء محاولة إعادة هذه الصناعات بالفشل بمقدار التشدد الإضافى تجاه الهجرة ونجاح عمليات ترحيل المهاجرين.
ونجد تناقضًا آخر بين فرض رسوم جمركية أو زيادتها على واردات الولايات المتحدة من دول كبرى وغيرها, والتزام ترامب فى حملته الانتخابية بخفض مستوى التضخم. فكل زيادة فى الرسوم الجمركية يقابلها ارتفاع فى أسعار السلع التى تُفرض هذه الرسوم عليها. ويعنى هذا أن السلعة المستوردة من أى دولة تُفرض عليها رسوم أعلى سيزيد سعرها فى الأسواق حسب قيمة الزيادة فى هذه الرسوم. وهذا يتعارض مع وعد ترامب للمستهلكين بأن أسعار السلع والخدمات ستنخفض، وهو الذى أقام جانبًا أساسيًا فى حملته الانتخابية على مهاجمة إدارة بايدن –هاريس واتهامها بالعجز عن وضع حد للتضخم.
ويعنى هذا على سبيل المثال أن من فضلوا انتخاب ترامب فى الانتخابات الرئاسية، والجمهوريين فى انتخابات مجلسى الكونجرس، لم يتعاملوا مع وعوده الانتخابية كوحدة واحدة. فلم يهتم من انتخبوه سعيًا إلى خفض التضخم بخطابه الموازى عن زيادة الرسوم الجمركية، أو ربما لم يدرك بعضهم أن الأسعار لا يمكن أن تنخفض فى ظل سياسة حمائية متشددة.