بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
عندما بدأ المؤتمر العام السادس للصحفيين المصريين فى 14 ديسمبر الماضى، كان عدد أبناء المهنة الذين استُشهدوا فى قطاع غزة قد بلغ 196 شهيدًا فى 14 شهرًا ونيف، بخلاف الجرحى والمصابين. ولحق بهم خمسة آخرون خلال الأيام التى أعقبت المؤتمر، والحبل على الجرار مادامت جرائم قوات الاحتلال مستمرة وما يُسمى المجتمع الدولى صامت بعضه، ومتواطئ بعض آخر منه مع المُعتدين.
تجاوز عدد الصحفيين الفلسطينيين الشهداء فى غزة المائتين. وهؤلاء ليسوا أرقامًا تُعد أو تُحصى، مع غيرهم من شهداء جرائم الاحتلال، على طريقة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى. هم صحفيون اختاروا أن يؤدوا واجبهم المهنى، وينقلوا إلى العالم البليد ما يحدث، برغم إدراكهم الأخطار التى تحيق بهم. فقد سعت قوات الاحتلال منذ اليوم الأول إلى التعمية على جرائمها، واستهداف الصحفيين أملا فى حجب الحقيقة. ولكنها لم تفلح بفضل هؤلاء الأبطال الذين ندين لهم، ولغيرهم من الصحفيين، بمعرفة تفاصيلٍ ما كان ممكنًا أن نلم بها بدون تضحياتهم. وبفضلهم، وبفعل أداء المقاومة وصمود أهل غزة، صار الكيان الإسرائيلى منبوذًا ومتهمًا بالإبادة الجماعية ويحاكم أمام محكمة العدل الدولية، وبات قادته المجرمون فى خوف من الملاحقة القضائية.
كل واحد من شهداء الصحافة فى غزة بطلُ ينبغى أن تُروى قصة كفاحه لأداء واجبه المهنى، بعد توثيق كل ما يتيسر فى هذا المجال. وأقل ما يمكن عمله هو التعريف بأسمائهم واحدًا واحدًا، وهو ما حدث فى حفلة افتتاح المؤتمر العام السادس للصحفيين التى خُصص أكثر من نصفها لفلسطين. فقد وُضِعت لوحة كبيرة عليها أسماء الصحفيين الشهداء وصورهم. وشعرنا بأنهم معنا فخورون بما قدموه وفرحون لتكريمهم، وللاحتفاء بمصابين يُعالجون فى مصر حضروا وصعدوا إلى منصة مسرح النقابة وسط تصفيق متواصل من الحاضرين الذين وقفوا لتحيتهم، والاستماع إلى كلمة مست شغاف القلب ألقتها الصحفية رولا الدر على كرسيها المتحرك.
ليت هذا الاحتفاء بشهداء الصحافة والمصابين فى غزة يكون بدايةً تبنى عليها نقابات الصحفيين فى مصر وبلدان عربية أخرى، ومعها الاتحاد الدولى للصحفيين الذى حضر أمينه العام المؤتمر، لتوثيق قصص شهداء الصحافة فى فلسطين.