بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تشن إدارة الرئيس دونالد ترامب حربًا على جماعة أنصار الله «الحوثيين» فى اليمن لأنها تعطل حركة الملاحة فى البحر الأحمر، وتهدد بالتالى أمن السفن التجارية فى هذا الممر المائى الحيوى. ولكن هذه الإدارة، التى تزعم حماية التجارة الدولية من صواريخ ومسيرات الجماعة «الحوثية»، هى نفسها التى أطلقت حربًا تجارية واسعة النطاق تهدد بضرب التجارة الدولية، وإلحاق خسائر أكبر وأشمل بكثير من الدول والشركات فى معظم أنحاء العالم.
وإذا استمرت هذه الحرب ربما تكون آثارها على التجارة الدولية، والاقتصاد العالمى عمومًا، أكبر مما لحق بها فى ذروة جائحة كورونا. فمن شأن زيادة الرسوم الجمركية على السلع والخدمات أن ترفع أسعار السلع المفروضة عليها هذه الرسوم إلى مستويات تدفع قطاعات من المستهلكين إلى الإحجام عن شرائها. والقرار الرشيد الذى تتخذه الشركات التى ترتفع أسعار صادراتها إلى هذه المستويات هو أن توقف تصديرها كليًا أو جزئيًا، وتبحث عن أسواق أخرى فى دول تقل فيها هذه الرسوم. ويتطلب ذلك وقتًا غير قصير تتراجع فيه حركة التجارة الدولية. وقد يستمر هذا التراجع إلى أن تُعاد هيكلة مسارات التجارة وخطوط الإمداد والتوريد، وربما لا تعود التجارة الدولية إلى مستوياتها التى كانت قبل أن تعلن إدارة ترامب حربها التجارية المؤلمة.
ولم تكتف إدارة ترامب بزيادة التعريفات الجمركية على الواردات، بل أعلنت أنها ستفرض رسوم موانئ وضرائب إضافية على السفن المصنوعة فى الصين عند رسوها فى أى ميناء أمريكى. وعندما تُفرض هذه الرسوم، التى سيبدأ تحصيلها بعد ستة أشهر, ستزداد أسعار السلع المنقولة بواسطة السفن التى ترسو فى الموانئ الأمريكية كلها. فحسب القرار الصادر من وزارة التجارة فى واشنطن ستُفرض رسوم قدرها 50 دولارا لكل طن محمول على السفن المملوكة والمُشَغلَة بواسطة الحكومة أو الشركات الصينية. أما السفن المصنوعة فى الصين وتملكها حكومات وشركات غير صينية فستُفرض عليها رسوم قيمتها 18 دولارا لكل طن. وستكون هناك زيادة سنوية فى هذه الرسوم.
وهكذا توضع التجارة الدولية فى وضعٍ بالغ الصعوبة بين سندان جماعة الحوثى ومطرقة إدارة ترامب.