بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ليس ضروريا أن يكون ارتفاع أسعار العملة المحلية فى مقابل الدولار دليلا على قوة الاقتصاد أو سلامته. لم تعد العلاقة بين الاقتصاد وسعر العملة على هذا النحو الذى نراه فى مصر0 يرتبط تقييم سعر صرف العملة فى العالم اليوم بحالة الاقتصاد. فقد يكون انخفاض هذا السعر أفضل بالنسبة إلى الاقتصاد وأدائه.
وليست الصين هى الحالة الوحيدة التى تزداد فيها معدلات النمو الاقتصادى كلما انخفض سعر عملتها «اليوان». إنها فقط المثال الشائع الذى يُذكر عادة فى هذا المجال. ولكن دولا كثيرة يحدث فيها هذا الارتباط العكسى بين النمو الاقتصادى وسعر العملة، فيزداد الأول بينما ينخفض الثانى.
وكلما اتجهت السياسة الاقتصادية إلى التركيز على توسيع نطاق القاعدة الإنتاجية فى مختلف المجالات، وإعطاء أولوية قصوى لتوفير المقومات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، ومعالجة المعوقات التى تواجهه، وربط المشاريع العامة به وفق دراسة جدوى شاملة، واستخدام المزايا النسبية فى جذب استثمارات جديدة، يقل اهتمامها بارتفاع سعر العملة أو انخفاضه. فالإنتاج الكثيف الذى يؤدى إلى زيادة مطردة فى الصادرات يعنى تدفقاً مستمراً فى العملات الأجنبية، ويؤدى إلى فائض فى الميزان التجارى، ويُقلَّل العجز فى الموازنة العامة، سواء انخفضت الواردات أو ارتفعت. وفى هذه الحالة يزداد احتمال تفضيل انخفاض سعر العملة، كما يحدث الآن فى بعض الدول الأوروبية التى يضر ارتفاع سعر اليورو اقتصاداتها. لأنه يُقلَّل القيمة النقدية لصادراتها بالدولار. فقد ارتفع سعر اليورو فى نهاية يوليو وأول أغسطس الحالى إلى أعلى مستوى له أمام الدولار فى الأعوام الثلاثة الأخيرة (1.19 دولار).
وتُعد إيطاليا الأكثر تضرراً من ارتفاع سعر اليورو بسبب ازدياد صادراتها إلى الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة. وحتى ألمانيا، حيث يوجد اقتصاد عملاق ومتين، تأثرت بدرجة أقل. ولكن قوة اقتصادات هذه الدول تُمكَّنها من تعويض هذا الضرر، فضلا عن أن ارتفاع سعر عملتها يعنى أن هذه الاقتصادات تعمل جيدا.
ومحصلة هذه الحالات، وغيرها، هى أن سعر صرف العملة متغير ثانوى، وأن حالة هيكل الاقتصاد أو الاقتصاد الحقيقى هى المتغير الرئيسى. وعندما يُنظر إلى سعر صرف العملة كما لو أنه المتغير الرئيسى، فهذا يعنى وجود مشكلة تستدعى مراجعة السياسة الاقتصادية فى مجملها.