بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يختلف المتخصصون فى دراسة نظام الحكم الفرنسى على وجود، أو غياب، عامل سياسى وراء الاهتمام الكبير الذى أبداه الرئيس إيمانويل ماكرون بمونديال روسيا، وحضوره المباراة النهائية ومن قبلها مباراة نصف النهائى، وصولا إلى التتويج بلقب البطولة.
لم يكن لدى الرئيس الأسبق جاك شيراك أى هدف سياسى عندما أبدى اهتماما مماثلا إلى حد كبير بمشاركة الديوك فى مونديال 1998، وفوزهم باللقب للمرة الأولى. كان حضوره القوى طبيعيا فى مونديال نظمته فرنسا. كما أن شيراك، الذى كان فى منتصف ولايته الأولى، لم تواجهه ضغوط قوية فى الساحة السياسية والمجتمع على نحو يدفعه إلى التماس العون فى ملاعب كرة القدم. وعندما فاز بولاية ثانية عام 2001، كانت الروح التى بعثها التتويج فى المونديال قد صارت جزءا من التاريخ.
لكن الوضع يختلف اليوم بالنسبة إلى ماكرون فى العام الثانى لولايته. الهجوم شديد ضده من قطاعات يُعتد بها فى المجتمع بسبب سياسته الاجتماعية التى يعتبرها المعترضون عليها منحازة ضد الفئات الأفقر والأضعف فى المجتمع. وهذه مسألة حساسة لابد أن تثير قلق ماكرون. وقد بدأ هذا القلق فى الظهور عندما قال، قبل أيام على تتويج الديوك، إنه ليس رئيس الأثرياء. ولعل أكثر ما يثير قلقه قدرة النقابات العمالية والمهنية, التى تعبر عن مصالح حقيقية, على تحقيق تعبئة ضده.
والهجوم على ماكرون يأتى من جهة اليمين أيضا. إذ يواصل القوميون المتطرفون حملاتهم عليه منذ أن فاز على مرشحتهم مارين لوبن فى انتخابات العام الماضى.
غير أنه حتى إذا صح تقدير من يرون أن ماكرون كان فى حاجة إلى الإنجاز الذى حققه منتخب الديوك، فلن يفيده لأن تأثير الحصول على كأس العالم مؤقت بطابعه. ولن تمضى عدة أشهر حتى يصبح هذا الحدث وراء ظهور الملايين التى احتفت به.
ليس ماكرون، إذن، هو الفائز بل هذا الجيل من اللاعبين الذين لم يكن بعضهم قد وُلد عام 1998 عندما تُوج جيل مدربهم الحالى ديدييه ديشان الذى قد يجوز اعتباره أبرز الفائزين، بعد أن اعتلى منصة التتويج كلاعب، ثم كمدير فنى، وأثبت أنه أدرى بعمله ممن شنوا هجوما واسعا عليه عشية انطلاق المونديال.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام