بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
350 مليار دولار هو المبلغ الذى تكلفته الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا فى السنوات الثلاث الأخيرة وفقًا لتقدير إدارة ترامب وحساباتها التى لا يعرف أحد كيف حُسبت. تريد هذه الإدارة استرداد المبلغ برغم أن دعم سابقتها لأوكرانيا كان فى صورة مساعدات لتمكينها من مواجهة روسيا نيابةً عن الولايات المتحدة التى دفعتها إلى الحرب دفعًا, ووعدتها بأن تقف معها بكل إمكاناتها. ويعنى هذا أن ما قدمته الولايات المتحدة إلى أوكرانيا مساعدات أو معونات لا تُسترد، وليست قروضًا.
غير أن هذا الذى كان من باب المساعدة أصبح سداده واجبًا, وصار على أوكرانيا أن تتحمل أعباء حرب دخلتها من أجل الولايات المتحدة وحلف «الناتو»، ولم يكن لشعبها أدنى مصلحة فيها، بل تكبد خسائر باهظة بشرية واقتصادية بسببها، إذ قُتِل مئات الآلاف من أبنائه، وهاجر بضعة ملايين منه إلى دول أوروبية أخرى.
ولكن الأهم من هذا كله أن أوكرانيا لم تحصل سوى على جزء يسير من هذا المبلغ، لأن القسم الأعظم منه كان مساعدات عسكرية مباشرة فى صورة أسلحة وذخائر. فإذا صح أن قيمة إجمالى المساعدات 350 مليار دولار، فهذا يعنى أن ما بين 250 و 300 مليار منها ذهبت إلى أمريكيين داخل الولايات المتحدة، وليس إلى أوكرانيا. فقد نُقل هذا المبلغ من حسابٍ مصرفى لوزارة الخزانة الأمريكية إلى حسابات بعض شركات صناعة الأسلحة والذخائر الأمريكية أيضًا. وسواء كان التحويل من مصرف إلى آخر، أو من حساب إلى حساب ثانٍ فى المصرف نفسه، فقد حُولت الأموال التى صار على أوكرانيا سدادها فى صورة حوالات داخلية إما داخل المصرف نفسه أو داخل الدولة ولكن من ولاية إلى أخرى، أى من واشنطن إلى ميريلاند مثلاً حيث المقر الرئيسى لشركة لوكهيد مارتن، أو فرجينيا حيث يوجد مركز شركتى نورثروب جرومان وجنرال ديناميكس، أو شيكاغو حيث توجد شركة بوينج، وميزورى حيث المقر المركزى لشركة ماكدونيل دوجلاس, وغيرها.
وهكذا صار على أوكرانيا أن ترهن حقوق عدة أجيال من أبنائها لسداد مبلغ دفعه أمريكيون إلى أمريكيين آخرين. إنها حقًا أكبر عملية احتيال فى التاريخ.