بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أهم ما يميز الألعاب الرياضية بوجه عام أنها محكومة بقوانين وقواعد تُطبق على جميع المتنافسين بأقصى درجة من العدل بلا محاباة أو مجاملة أو تفضيل أو انتقاء.
فالقوانين واضحة لا لبس فيها إلا فيما ندر، والقواعد محددة لا اختلاف على تفسيرها إلا على سبيل الاستثناء. ولذلك يسهل للحكاَّم أن يؤدوا دور القضاة الاكثر عدلا فى أحكامهم, دون أن ينظروا إلى اسم المتنافس فريقاً كان، أو شخصاً فى الألعاب الفردية. الجميع سواسية بالتمام، والفائز هو الأجدر والأكثر مهارة وكفاءة وتدريباً وبذلاً للجهد، أو حتى من يحالفه التوفيق أو يتحالف معه الحظ. المهم أنه لا يفوز نتيجة مجاملة، أو حظوة يتمتع بها، أو توصية يحملها، أو خطأ صارخ يرتكبه الحكم ويترتب عليه تغيير نتيجة المباراة. ولكن إذا كانت المجاملات نادرة إلا فى البلاد التى يتدخل أصحاب النفوذ والسطوة فى كل ما يتعلق بحياة الناس بما فى ذلك الألعاب الرياضية الأكثر شعبية وخاصة كرة القدم، فالأخطاء التحكيمية ليست قليلة رغم أنها تظل استثناء ولا تُمثَّل ظاهرة على المستوى العالمى حتى الآن. غير أن هذه الأخطاء تزداد فى كرة القدم المصرية على نحو يدفع إلى القلق، وكذلك مجاملة فرق معينة, أو بالأحرى فريقين, على حساب الباقين. وقد شهدنا فى الموسم الماضى جدلاً حول هذا الموضوع انطلاقاً من اتصالات هاتفية مسجلة بشأن اتفاقات لاختيار حكام معينين لإدارة مباريات يُراد ضمان فوز أحد الفرق فيها. ومر هذا الموضوع الخطير مرور الكرام بكل أسف، كما يحدث فى مجالات أخرى. ولذلك فليس غريباً أن تتفاقم المشكلة ويُثار الجدل مجدداً منذ مباراة الزمالك وطنطا قبل أيامً.
ولذلك أصبح الأمر يتطلب وقفة، وليس مجرد وقف حكم، لإصلاح الاختلال فى هذا المجال عبر وضع قواعد صارمة لاختيار الحكام، ومراجعة معايير هذا الاختيار ليكون من بينها الشجاعة وعدم الخضوع للابتزاز والبلطجة، ليبقى فى كرة القدم شيئ من العدل الذى نفتقده فى مجالات أخرى. فلا يصح أن يكون الحكم رعديداً يرعبه أى نوع من البلطجة، ولا يجوز لاتحاد الكرة أن يسمح بالتشبيح الذى نراه الان, ولم يعرف تاريخ هذه الرياضة فى مصر مثله.