بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
كثيرة هى أجراس الإنذار التى قُرعت فى السنوات الماضية للتنبيه إلى خطرين متلازمين جزئيا لأن لكل منهما أبعادا مختلفة عن الآخر، إلى جانب الصلة التى تربطهما.
فأما الخطر الأول فهو تراجع الاقبال على الصحافة المطبوعة بسبب ازدياد القنوات التليفزيونية التى تكاثرت كالفطر، قبل أن ينفض كثير من الناس عنها لانشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعى التى صار ما يُنشر ويُبث فيها محركا لكثير من هذه القنوات.
وأما الخطر الثانى فهو تراجع معدلات القراءة الورقية، سواء بالنسبة إلى الصحف والمجلات أو الكتب، بما فى ذلك قراءة الكتب المقررة فى الدراسة الجامعية, فى الوقت الذى يزداد الاهتمام بتشجيع القراءة فى العالم ويرفع القائمون على معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام شعار «القارئ لا يهزم». وقد قرع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء جرس إنذار جديد فى تقريره الأخير عن الحالة الثقافية عام 2015. فقد أوضح أن عدد الصحف الصادرة فى مصر انخفض من 80 صحيفة عام 2014 إلى 75 فى 2015. ولكن الأهم من ذلك هو انخفاض إجمالى عدد النسخ الموزعة من هذه الصحف جميعها بنسبة 14.4% دفعة واحدة (655 مقابل 560 مليونا)0 وهذا انخفاض مريع عندما يحدث فى عام واحد، ويحمل فى طياته ما يؤكد أن الخطر الذى يواجه الصحافة المطبوعة أكبر مما توقعه معظم من نبهوا إليه. وإذا حسبنا متوسط عدد النسخ التى توزعها 75 صحيفة فى اليوم الواحد وفق بيان الجهاز المركزى، نجد أنه نحو مليون وربع مليون نسخة فى بلد يزيد عدد سكانه على 90 مليونا، ويُفترض أن 40 مليونا منهم يعرفون القراءة والكتابة، بعد استبعاد الأقل من 12 عاما، والأُميين أبجدياً.
ولو أجرينا إحصاء على أسس منهجية لمعدلات مشاهدة القنوات التليفزيونية العامة والخاصة على حد سواء سنجد أنها بدورها فى انخفاض بعد أن تدهور المستوى العام فيها، وصارت متشابهة إلى حد كبير فى معظم ما تقدمه.
وليس تقرير الجهاز المركزى هذا الأول من نوعه. فكم من تقارير رصدت هذا التراجع على مدى سنوات طويلة. فهل ننتبه هذه المرة، أم ننتظر جرس إنذار آخر ينبئنا بأن الخطر بلغ مستوى أعلى؟