بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ليس واضحًا بعد هل ستنجح حكومة نيتانياهو فى تحقيق ما فشلت فيه قبل الوقف المؤقت لإطلاق النار فى يناير الماضى. ولكن الواضح، أو قُل ما يتضح يومًا بعد يوم، أن طول أمد العدوان يؤدى إلى تفكك إسرائيلى آخذ فى الازدياد بمرور الوقت. تفكك يجوز القول إنه شامل سياسى واجتماعى وعلى كل صعيد تقريبًا. نجد التفكك السياسى على مستويين. أولهما النظام السياسى الذى يتكون من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدنى. هذه المرة الأولى التى يخوض فيها الكيان الإسرائيلى حربًا بدون اصطفافٍ وراء الحكومة والجيش. والثانى نظام الحكم الذى يشمل الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية. يندر أن نجد خلال أى حرب مثل هذا التفكك الذى أدى إلى إقالة وزير الدفاع السابق مجرم الحرب رسميًا يوآف جالانت، ثم رئيس الأركان هرتسى هاليفى. وجاء الدور على رئيس جهاز الشاباك رونى بار الذى يحاول مقاومة سعى نيتانياهو إلى إقالته. والمفارقة أن الإعلان عن هذه الإقالة كان عشية استئناف العدوان الذى يشارك المرغوبة إقالته فى قيادته بشكل مباشر مع قائد الجيش الجديد. ولا يخفى، بل لعله بات واضحًا, أن الهوة تزداد كل يوم بين رئاسة الحكومة فى ناحية والجيش والأجهزة الأمنية فى الناحية الثانية. ولكن حالات التمرد فى الجيش لا تعبر عن الحجم الحقيقى للاستياء حتى الآن. ولا يقتصر التفكك الاجتماعى على تداعيات الانقسام السياسى فى المجتمع، سواء فيما يتعلق بمسألة أسرى 7 أكتوبر، أو فيما يتصل باستمرار العدوان. التفكك الناتج من تنامى الانقسام الدينى-العلمانى أخطر على مستقبل الكيان الإسرائيلى. ورغم أن تجليات هذا الانقسام ظهرت فى تظاهرات عدة عقب تشكيل الحكومة الحالية فى يناير 2023، فقد ازدادت بل دخلت مرحلة جديدة بسبب احتدام الخلاف على قضية تجنيد المتدينين «الحريديم» المعفيين من التجنيد فى الوقت الذى تشتد حاجة الجيش إلى مزيد من الجنود بدل من قُتلوا وأٌصيبوا خلال العدوان. لم يحدث مثل هذا التفكك فى الكيان الإسرائيلى من قبل. وهو مرشح للازدياد والتوسع بكل ما يترتب عليه من آثار على مستقبل هذا الكيان.