بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
«ارفع رأسك فوق.. أنت سورى حر..» يختصر هذا الشعار حلمًا سكن الكثير من السوريين منذ عقود. يبدو اليوم كما لو أن هذا الحلم تحقق، أو بالأحرى فى سبيله إلى التحقق. وكانت الاحتفالات التى عمت دمشق ومدنا سورية عدة فرحًا بالتغيير الذى حدث تعبيرًا عن اعتقاد بعضهم فى أن الحلم تحقق، وأمل بعض آخر منهم فى أن يتحقق قريبًا.
صدحوا فى احتفالاتهم بأغنية الفنان أحمد العشيم التى غنَّاها فنانون وفنانات آخرون. استمدوا منها شعار الحرية، وغنوها كاملةً فى بعض الحالات. فكم هى حماسية الأغنية التى يعود تاريخها إلى أواخر عام 2015: «ارفع رأسك فوق.. أنت سورى حر/ ارفع رأسك.. لا تذلها.. وعن أرضك ما تتخلى/ ارفع رأسك.. احم بلادك.. احم ولادك/ ارفع رأسك.. صوتك.. خلى كل العالم يسمع..».
ولكن مع انتهاء الاحتفالات، بُدئ فى طرح تساؤلات يتصدرها سؤال عما إذا كان السورى قد أصبح حرًا بالفعل، وعن إمكانات تحقق الحلم الكبير. ومع الأسئلة تأتى المخاوف والشكوك وتختلف الإجابات. مازال الوقت مبكرًا لاستشراف ما ستكون عليه سوريا الجديدة. ولكن هذا لا يمنع المخاوف، ولا يحول دون تأمل الكلمات الأخيرة فى الأغنية بعد أن كانت تردد دون تفكير. من الطبيعى أن يتساءل سوريون عما إذا كانت الأغنية تعبر عن وضع سوريا اليوم. فجزءُ من الأرض، التى تؤكد الأغنية عدم التخلى عنها، استباحها الصهاينة الذين انتهزوا فرصة انتقال السلطة. وكثير من الأسلحة اللازمة لحماية البلاد وتجسيد كلام الأغنية «احم أرضك.. احم ولادك» دُمرت فى قصف همجى ضمن العربدة التى يمارسها الكيان الإسرائيلى بعد أن فقد العالم ما كان موجودًا من روادع للإجرام.
والمفترض أيضًا أن يتساءل سوريون عن طبيعة النظام السياسى الذى ستسفر عنه مرحلة الانتقال، التى بات واضحًا أنها ستطول، وهل سيتمتعون فى ظله بالحرية التى افتقدوها طويًلا وحلموا بها، سواء حرية الرأى والتعبير وغيرها من الحريات العامة، أو حرية الاعتقاد وغيرها من الحريات الشخصية. وفى انتظار تبلور ملامح سوريا الجديدة يبقى السؤال: هل سيكون السورى حرًا؟