الأديب  والتعذيب

الأديب .. والتعذيب

الأديب .. والتعذيب

 العرب اليوم -

الأديب  والتعذيب

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

يخطئ من يظن أن الإبداع لا يستطيع تغيير الأوضاع إلى الأفضل مهما يكن الجمود السياسى والاجتماعى. فالقوة الناعمة للعمل الإبداعى فى اى بلد أقوى من مختلف أدوات القوة الصلبة مهما تكن خشونتها وقسوتها. وأكثر من يخطئ فى تقدير أهمية قوة الإبداع الناعمة هم المبدعون الذين يصيبهم إحباط أو يأس. ويحدث ذلك بصفة خاصة لمن لا يجدون أثراً لإبداعهم، أو يشعرون بأنه يضيع هباء، ولا يتمتعون برؤية تاريخية واسعة وبعيدة. 

فالإبداع يؤثر بطريقة تراكمية، وليست فورية، وتظهر نتائجه بعد وقت قد يطول. ولكن لهذه القاعدة استثناءات حقق فيها الإبداع أثراً فورياً كبيراً. ولعل أبرز هذه الاستثناءات رواية الأديب الروسى العظيم دستوفيسكى “ذكريات من منزل الأموات” التى يُرجح أنها أُصدرت للمرة الأولى بين عامى 1861 و 1862. وتصف هذه الرواية حياة المعتقلين فى السجون الروسية من خلال تجربة دستوفيسكى حين حل ضيفاً على أحدها. ولجأ فيها إلى صيغة الراوى الذى وصف تفاصيل حياته القاسية فى معتقل بسيبيريا، والتعذيب الذى تعرض له, والعلاقات بين المعتقلين معه، ومشاعرهم الإنسانية التى أبدع فى الغوص فيها. 

فقد استخدم كل موهبته الأدبية فى هذا النص الذى رأى بعض النقاد أنه ليس رواية بالمعنى الدقيق, لأنه اعتمد فيه على أسلوب الفقرات القصيرة رغم ان كل فقرة منها تبدو كأنها لوحة فنية بالغة التعبير. 

والمهم أن ضابطاً كبيراً من الأسرة المالكة (نيقولاى أورلوف) قرأ الرواية، وفهم أنها ليست من نسج خيال مؤلفها لانه يعرف أنه كان معتقلاً، وهاله ما يحدث فى المعتقلات، فتدخل لدى القيصر طالباً إلغاء ما كان يُطلق عليه عقوبات جسدية. وأثار مطلبه ذاك جدلاً واسعاً وحاداً خرج من دوائر السلطة إلى المجتمع، وانتصر القيصر فى النهاية للاتجاه الذى يطالب بإلغاء التعذيب, وقرر إلغاء الكير من أساليبه ومعاقبة من يرتكبونها. 

وقد دشَّن دستوفيسكى بعمله هذا ما صار يُعرف بأدب السجون الذى انتشر على نطاق واسع بعد ذلك, حيث نُشرت مئات الأعمال الادبية فى هذا المجال, ومنها عشرات في العالم العربي. والملاحظ أن دور نشر عربية عدة أعادت طباعة بعض هذه الأعمال في السنوات الاخيرة لان ثورات الربيع العربى أدت الى توسع الاهتمام بقضية حرية الانسان وكرامته. 

المصدر: صحيفة الاهرام

arabstoday

GMT 14:23 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

مواجهة الإرهاب.. حصاد 18 عاماً

GMT 14:21 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

إسرائيل بعد الانتخابات.. فيم ستختلف؟

GMT 07:46 2019 السبت ,31 آب / أغسطس

هل تُزهر الأشجار في السودان؟

GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأديب  والتعذيب الأديب  والتعذيب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:39 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
 العرب اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
 العرب اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 07:49 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
 العرب اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab