بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو اختبارًا صعبًا للغاية فى الوقت الذى يقترب موعد الاحتفال بمناسبة الذكرى الثمانين لغلق معسكر أوشفيتز فى بولندا. تحظى هذه الذكرى بأهمية كبيرة فى روايات الصهاينة وحلفائهم عما يُسَّمونها محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وهى تعد أحد أهم أركان هذه الروايات لأن قصة معسكر «أوشفيتز» وملحقاته تبدو مفزعةً بعد التضخيم الذى حدث فيها, وتخلق تعاطفًا لدى من يأخذها كأمرٍ مسَلَم به دون أن يفكر جيدًا فيما تتضمنه.
فهل يغامر نيتانياهو بالذهاب إلى بولندا ويراهن على استعداد حكومتها لحمايته، أو «توفير ممر آمن له» حسب التعبير الذى استخدمه رئيس الجمهورية أندريه دودا، أم يغلبه رعبه من الاعتقال فى حالة عجز من يريدون حمايته عن تحدى إرادة القضاء إذا قررت محكمة بولندية توقيفه؟
وليس هذا إلا مثالاً لما سيواجهه مجرم حرب اتُهم رسميًا من أعلى محكمة جنائية فى العالم، وطُلِب توقيفه للتحقيق معه ومحاكمته جزاء ما ارتكبه من جرائم غير مسبوقة كمًا ونوعًا ولا مثيل لها من حيث استمرارها لما يقرب من 500 يوم دون توقف. ولهذا فهو يمر باختبارٍ صعب إذ يجد نفسه بين خيارين لا حلاوة فى أحدهما. فإن اختار الذهاب ربما يتعرض للاعتقال. وحتى إذا خضعت المحكمة التى قد تأمر بتوقيفه لضغوط سياسية فألغت الأمر، أو أفرجت عنه فى حالة مثوله أمامها, سيلحقه ضرر كبير.
أو إذا اختار ألاَّ يذهب فربما قلت أهمية الاحتفال الذى يمكن اعتباره الحدث الأهم فى طقوس الترويج للسردية الصهيونية بشأن معسكر أوشفيتز الذى ضُخِم ماحدث لليهود فيه. فقد كان بعضهم ضمن أعداد كبيرة من المعتقلين البولنديين والسوفيت والغجر والشيوعيين وغيرهم. لم يكن المعسكر خاصًا باليهود وحدهم. وهذا تاريخ يتعذر إنكاره. ولهذا تتحايل السردية الصهيونية عليه عبر تكبير عدد اليهود، وتصغير أعداد الآخرين فيه. وليس الفرق المهول الشائع فى الأرقام بين اليهود وغيرهم إلا أحد سبل هذا التحايل، الذى كشف باحثون غربيون شجعان أبعاده المتعددة وفى