بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
إذا كان فريدريش ميرتس الفائز حزبه فى الانتخابات الألمانية، والذى يجرى الآن مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، جادًا فى عدم استبعاده أن تمتلك بلاده أسلحة نووية، فهو يرمى ورقةً جديدة تزيد الاختلاط المتزايد فى الأوراق على المستوى الدولى. يعطى ميرتس أولوية، فيما يُفهم من المقابلة التى أجرتها معه صحيفةُ ألمانية قبل أيام، لتوسيع نطاق الردع النووى الفرنسى والبريطانى ليشمل أوروبا، ويليه إنتاج أسلحة نووية.
وجاء حديثه عن عدم استبعاد امتلاك هذه الأسلحة فى الوقت الذى يتحدث الرئيس الأمريكى ترامب عن ضرورة إجراء محادثات مع روسيا من أجل نزع الأسلحة النووية فى العالم، وليس فى الدولتين فقط، باعتبارهما تملكان نحو 90% من المخزون العالمى. وإن صدق ترامب فى حديثه هذا، فهو يعنى أن معضلة الأسلحة النووية باتت فى مفترق طريقين، فإما الاتجاه إلى نزعها بكل ما ينطوى عليه من صعوبات وتعقيدات، أو انطلاق سباق تسلح جديد قد تُضاف خلاله دول أخرى إلى النادى النووى إذا قررت ألمانيا امتلاك هذه الأسلحة.
يحدث ذلك فى الوقت الذى يزداد التصدع فى النظام العالمى ويحتاج إلى عمليات ترميم جزئية هنا وهناك درءًا لفوضى متكاملة قد تعم العالم فى مرحلة الانتقال إلى نظام جديد. ومن أهم ما تشتد الحاجة إلى ترميمه المنظومة القانونية للحد من التسلح النووى. فقد فقدت هذه المنظومة الكثير من مكوناتها فى الفترة الماضية. وحتى معاهدة ستارت الجديدة السارية حتى فبراير 2026 صارت مُجمدة بعد أن أوقفت روسيا فى فبراير 2023 مشاركتها فيها، مما أدى إلى وقف العمل بآليات المراقبة المتبادلة المنصوص عليها فيها.
وفى الوقت الذى جعلت حرب أوكرانيا قضية استخدام الأسلحة النووية مطروحةً بشكل غير مسبوق، وأخذ شبح حرب عالمية ثالثة يحوم فى سماء المنطقة، تتوافر شواهد على احتدام السباق لتطوير أنظمة إطلاق الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رءوس نووية، وتُثار أسئلة عن مستقبل معاهدة حظر التجارب النووية بعد إعلان روسيا فى أكتوبر 2023 انسحابها منها.
وفى هذا السياق يصبح السؤال عن مستقبل التسلح النووى ملحًا بين «وعد» ترامب و«وعيد» ميرتس.